بوروسيا دورتموند فريق ألماني يقدم كرة قدم ممتعة بصورة موسمية، يتبع استراتيجية تغذية الأندية الكبرى بالمواهب الشابة بمبالغ فلكية، فهو الذي باع الهداف النرويجي الرهيب إيرلينغ هالاند لمان سيتي بمبلغ فاق ال65 مليون إسترليني، وهو الذي باع مخيتاريان وكاغاوا وسانشو لمانشستر يونايتد بأكثر من 150 مليون إسترليني علماً بأنهم كلفوه ربع هذا المبلغ.
افتتح نادي بوروسيا دورتموند لكرة القدم سجل بطولاته في الدوري الألماني الدرجة الأولى بلقبين متتاليين عامي 1956 و1957، وانتظر بعدها لمدة 6 أعوام من أجل التتويج بلقبه الثالث في البوندسليغا، ليتوقف رصيده عند هذا الحد لمدة 31 سنة على التوالي.
في غضون تلك السنوات الطويلة التي تعذر فيها التتويج على نادي بوروسيا دورتموند بلقب البوندسليغا، كانت أندية أخرى تصنع ربيعها مثل بايرن ميونيخ وهامبورغ وفيردر بريمن وبوروسيا مونشنغلادباخ وكولن وشتوتغارت، وتكتسب شعبية أكبر في جميع أنحاء أوروبا وحول العالم.
احتاج الأمر انتفاضة غير عادية من جانب بوروسيا دورتموند لاستعادة سمعته المحلية والقارية وأمجاد الماضي البعيد، وهذا ما حدث بالفعل في فترة التسعينيات عن طريق تتويجه بلقبين متتاليين للدوري الألماني عامي 1995 و 1996، تبعهما الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على حساب يوفنتوس الإيطالي عام 1997.
ولم ينتظر الفريق الأصفر أكثر من 6 سنوات، وعاد بعد منافسة دراماتيكية أمام باير ليفركوزن ليكرر تتويجه بلقب الدوري الألماني للمرة السادسة في تاريخه بقيادة المهاجم البرازيلي الموهوب مارسيو أموروزو، وموزارت الشرق توماس روزوسكي، والعملاق التشيكي يان كولر، والحارس الأمين يانز ليمان.
هل دورتموند مُجرد مصنع للنجوم؟
اعتقد جمهور سيغنال إيدونا بارك أن الانتظار للتتويج بلقب الدوري الألماني لمدة 30 سنة لن يتكرر من جديد، خاصةً بعدما أثبت فريقهم علو كعبه على أعتى أندية القارة العجوز في المنافسات القارية وفاز بلقب الدوري 3 مرات في غضون 10 سنوات مع لقب دوري الأبطال.
لكن الرياح جاءت بما لا تشتهيه سفن دورتموند، فصار الانتظار لسنوات يمتد لسنين بين التتويج والآخر، وتحول مع الوقت إلى “عادة” تترسخ في ثقافة وعادات النادي، لتتسع الهوة بينه وبين بايرن ميونيخ وباقي المنافسين، لا سيما مع تفريطه في اللاعبين المتميزين مع فتح كل نافذة انتقالات.
تغير واقع دورتموند مع الوقت إلى مصنع للنجوم جعل منه منافساً على فترات خلال الموسم “ليس إلا” بشخصية ضعيفة هشة تسبب كل مرة في عودته إلى المراكز الشرفية خلف البافاري.
متى كان آخر لقب دوري لدورتموند؟
يعود آخر لقب دوري ألماني فاز به بوروسيا دورتموند إلى عام 2012 تحت قيادة المدرب المتميز يورغن كلوب، ونخبة من ألمع المواهب التي تألقت فيما بعد في أندية أخرى أمثال روبرت ليفاندوفسكي وشينغي كاغاوا وماريو غوتسه وغروسكروتز وإيفان بيريسيتش وبيتشيك وماتس هوملز وكوبا ولوكاس باريوس وسيباستيان كيهل.
تفوق بوروسيا دورتموند في ذلك الموسم 2012/2011 على بايرن ميونيخ بفارق 8 نقاط، حيث جمع 81 نقطة مقابل 73 للبايرن، وأنهى جاره وغريمه التقليدي في المدينة شالكه في المركز الثالث برصيد 64 نقطة بفارق 4 نقاط عن بوروسيا مونشنغلادباخ الرابع.
انطلقت صدارة بوروسيا دورتموند للدوري الألماني آنذاك في الجولة 20 عندما انتصر على نورينبرغ خارج قواعده بهدفين دون رد لكيهل وباريوس، بينما تعادل بايرن ميونيخ في اليوم التالي على ملعب هامبورغ بنتيجة 1/1 (سالا وأوليتش).
وظل دورتموند متشبثاً بصدارة جدول ترتيب الدوري الألماني حتى النهاية، بفضل تحقيق الفوز في 12 مباراة من بينهم فوز بهدف دون رد لروبرت ليفاندوفسكي أمام بايرن ميونيخ في الجولة 30، بالاضافة إلى تعادلين أمام أوغسبورغ 0/0 وشتوتغارت 4/4، وأكمل المشهد الرائع لذلك الموسم بهزيمة بايرن ميونيخ 2/5 في نهائي كأس ألمانيا (DFB Pokal) يوم 12 مايو 2012.
وفي السنة التالية 2013 كان الفريق قاب قوسين أو أدنى من التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، لكنه أراد ترسيخ معلومة علو كعب بايرن ميونيخ عليه في كل شيء، بالسقوط بهدفين على ملعب ويمبلي.
وبالمناسبة كان تتويج بوروسيا دورتموند بلقب الدوري الألماني عام 2012 هو الثاني على التوالي له، في تكرار لنفس ما فعله خلال حقبة الخمسينيات والتسعينيات، ليصبح في جعبته 8 ألقاب دوري فقط، مع 4 تتويجات لكأس ألمانيا و6 تتويجات لكأس السوبر الألماني.
