تقارير صحفيةكرة القدم الإفريقية

كلام تكتيكي | الخطيب المُتهم الأول في فضيحة الأهلي!

وقعت المهزلة الكبرى، وخسر الأهلي بخمسة أهداف نظيفة في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا على ملعب بروتوريا أمام صن داونز، في واحدة من أسوأ السيناريوهات غير المتوقعة من أكبر المتشائمين بمسيرة الأهلي مع مدربه الجديد مارتن لاسارتي.

ما حدث اليوم السبت إهانة كروية بكل المقاييس، لن تُنسى طويلاً من القريب قبل البعيد، والذي صنعها وصممها بنفسه هو الرئيس الذي جاء أصلاً لحل المشاكل الكروية للأهلي “محمود الخطيب”.

الخطيب تمادى في تغيير المدربين في عام 2018، أقال حسام البدري ثم باتريس كارتيرون ثم أبقى على محمد يوسف كمدرب مؤقت لفترة ليست بالقصيرة، قبل أن يستعين بمدرب يفتقد للتجربة الأفريقية مثل لاسارتي الذي يقتصر مشواره التدريبي على الدوري الأوروجواي والدوري الإسباني الدرجة الثانية حين كان مدربًا لريال سوسيداد.

اكتشاف أنطوان جريزمان وبعض المواهب في سوسيداد، لم تكن حجة مُقنعة لتعيين لاسارتي، فقد وصل الأهلي لمكانة مرموقة للغاية على الصعيد القاري مع مانويل جوزيه في السابق، بالتالي من غير المنطقي العودة للاعتماد على مدربين ليست لهم مقومات تدريب الأندية الكبرى الطامحة والراغبة في ملامسة العالمية.

الخطيب اقترف العديد من الأخطاء الفادحة منذ خلافته لمحمود طاهر في الأهلي، لن أخوض في المسائل غير الكروية البعيد عن الملاعب، وسأكتفي بوصف تعامله مع ملف لجنة الكرة بالتعامل الهش.

الكوارث كلها بدأت حين تم تأجيل قرار إقالة حسام البدري بعد الخسارة من الوداد البيضاوي في نهائي دوري أبطال أفريقيا 2017، والانتظار عليه لمدة 5 أشهر بعد التعادل في افتتاح دور مجموعات نسخة 2018 على ملعب برج العرب أمام الترجي ثم الخسارة من كامبالا سيتي بنثائية في أوغندا.

كبش فداء

استغراق الخطيب شهر كامل لاعلان تنصيب الفرنسي باتريس كارتيرون كمدير فني جديد للفريق، وهذا أكد للجميع أن إقالة البدري كانت اعتباطية وغير مخطط لها بشكل صحيح.

إلا أن الجمهور “بلع” هذا التأخير واعتبره تخدير للجراح واستراحة محارب، وتقبل خبر تعيين كارتيرون بما أنه مدرب صاحب سيرة ذاتية مميزة مع نادي مازيمبي الكونجولي، وسبق له التتويج بدوري الأبطال، ودرب في الدوري الفرنسي والدوري الأمريكي.

لكن الخطيب واصل أخطاءه الإدارية الفادحة، بموافقة محمد فضل على حرمان باتريس كارتيرون من إبرام عدد من الصفقات التي طلبها في الميركاتو الصيفي، أهمها كان التعاقد مع بديل لعبد الله السعيد في منصب صناعة اللعب، وضم لاعب الوسط الدفاعي الكاميروني “فرانك كوم” من الترجي والذي طلبه المدرب بالاسم.

تعامل كارتيرون بمبدأ “الجودة بالموجود” وحارب في أفريقيا والدوري والبطولة العربية، وبدلاً من الشد على يده وتجديد الثقة فيه، بعد تمكنه من تصدر مجموعته في أبطال أفريقيا بفضل الفوز على الترجي في الملعب الأولمبي برادس، ومن ثم التأهل إلى النهائي على حساب حوريا كونكاري واتحاد العاصمة، بأقل الإمكانيات وبجملة من الإصابات ودون صفقات جديدة، وبدفاع بطيء مكون من كوليبالي وسعد سمير، قام الخطيب بإقالته ككبش فداء لتخفيف الضغط عليه أولاً وعلى متخاذلين مثل محمد الشناوي وابن النادي سعد سمير، وبعض القدامى مثل حسام عاشور وأحمد فتحي، وعلى الصفقات المكلفة مثل مروان محسن ووليد أزارو.

هكذا ألصق الخطيب الفشل في المدرب المظلوم بدلاً من مجلس الإدارة المتخبط، مع اعترافي التام بأن كارتيرون ارتكب جملة من الأخطاء الفنية في ذهاب وإياب نهائي دوري الأبطال أمام الترجي.

لكن إدارة الأهلي غضت الطرف عن الظروف غير الطبيعية وغير الكروية التي أقيمت فيها مباراة إياب النهائي، وأرادت تحويل المشهد بمساعدة وسائل الإعلام المتلونة إلى أخطاء فنية من المدرب وليس لأنهم تهاونوا في حق الفريق حين تركوا الاتحاد الأفريقي “كاف” يعبث به عن طريق تنفيذ كل أوامر الترجي وكأنه عروسة ماريونت.

البداية كانت بإيقاف وليد أزارو بلقطة لم تظهر في البث المباشر للمباراة من الأساس، بعد رفع الإيقاف الجزئي عن جمهور الترجي بشكل مفاجيء وغير متوقع، ومن ثم الصمت على إصابة لاعب الوسط هشام محمد في رأسه قبل بدء المباراة خارج ملعب رادس بعد إعتداء الجمهور على حافلة الفريق، والتهديد بالانسحاب أو الانسحاب الفعلي.

الجاهل

لم تتوقف الكوارث الإدارية من الخطيب عند هذا الحد، فبعد إقالة كارتيرون عاد ليكرر نفس مهزلة مرحلة ما بعد إقالة البدري، بالانتظار لأكثر من شهر حتى أعلن هوية المدير الفني الجديد، وخلال تلك الفترة ظل محمد يوسف مديرًا فنيًا للفريق بشكل مؤقت، وكان الفريق يفوز في مبارياته المؤجلة بالدوري ببركة دعاء الجمهور وباسم الفريق فقط وليس بخطط أو فنيات.

وبعد مجيء لاسارتي، فُرضت عليه تعاقدات جديدة في الميركاتو الشتوي، وافق عليها من واقع جهله بأمور الفريق وبالكرة المصرية والأفريقية عمومًا، فظهر الفريق بمستوى باهت في بعض المباريات وفي البعض الآخر ظهر بمستوى جيد، لكن في المباريات الهامة مثل بيراميدز والزمالك ومباريات أفريقيا خارج الديار كان الأداء أقل من متوسط، حتى حلت الكارثة في مباراة ربع النهائي الأولى أمام صن داونز.

لاسارتي، حظى بفريق كامل قبل السفر إلى جنوب أفريقيا لمواجهة صن داونز، بعد استعادة أحمد فتحي ورامي ربيعة وحمدي فتحي ووليد أزارو لكامل لياقتهم البدنية، ناهيك عن لاعبين في قمة مستواهم مثل علي معلول ومروان محسن ورمضان صبحي وعمرو السولية، وهذا ما لم يحظ به كارتيرون طيلة فترة تدريبه للأهلي.

ورغم ظهور رامي ربيعة وياسر إبراهيم في منطقة قلب الدفاع بمستوى طيب أمام الاتحاد السكندري، قام بتغيير تلك الثنائية بالاستعانة بالمهرج الكروي “سعد الدين سمير” جنبًا إلى جنب أيمن أشرف العائد من إصابة صعبة في الظهر والذي لم يكن في قمة استعداده للعب أمام فريق مثل صن داونز يتمتع بالسرعة والحركية.

من قبل بداية المباراة، حين وضع لاسارتي محمد هاني وسعد سمير وأيمن أشرف وعلي معلول في الخط الخلفي، والرؤية اتضحت، مأساة وهزيمة ثقيلة تنتظر الأهلي، فلا يوجد بين كل هؤلاء لاعب واحد يُجيد بدء الهجمة بسلاسة من الخلف إلى الأمام مثل رامي ربيعة، وثلاثة منهم بنزعة هجومية ويحبون التقدم بصفة مستمرة ولا يجيدون العودة للتغطية العكسية.

وفي خط الوسط تواجد الثلاثي عمرو السولية وأحمد فتحي وكريم نيدفيد، وجميعهم يفتقدون للمسة الفنية وللقدرة على الربط الصحيح بين خطي الوسط والهجوم.

وفي الخط الأمامي رمضان صبحي وجونيور أجايي لا يعودان إلى الخلف أبدًا لمساعدة المدافعين، ومروان محسن ليس بحركية وقوة وليد أزارو في الإلتحام، ولا يتمتع بعقلية المهاجم الذي يبدأ الهجمة من خط الوسط مثل المغربي.

لماذا ظل حمدي فتحي على الدكة دون مشاركة وهو جاهز؟ لماذا ظل حسين الشحات على الدكة وأحمد فتحي عديم الأهمية في خط الوسط؟ لماذا لم يشارك صلاح محسن بدلاً من مروان محسن الذي استهلك في الشوط الأول؟ ولماذا لم يلعب الأهلي للدفاع بعد تلقيه لهدفين وتأجيل الحسم في لقاء الإياب؟

الخلاصة

كل تلك الأسئلة التي طرحتها كانت يجب أن توجه إلى المدير الفني لو كان كارتيرون واصل في منصبه، أما الآن فهذه الأسئلة يجب أن توجه لمحمود الخطيب الذي شغل نفسه بصراعات أخرى لا ناقة منها ولا جمل، وشوه سمعة الأهلي بوضعه ضمن الفرق عديمة الاستقرار وعديمة الاحترام للأجهزة الفنية، وهذا يجبر أنصار الأهلي على الترحم على أيام حسن حمدي ومحمود طاهر، وطيب الذكر “صالح سليم”، ولن يلومهم أحد إذا ما طالبوا بإستقالة الخطيب، فقد تراجع رصيده ونقص بيده لا بيد أحد غيره.

مقالات ذات صلة