تقارير صحفية

مارادونا والتحضير العضلي..ما سر تميز ميسي في تنفيذ الركلات الحرة؟

بالنسبة للكثيرين، ليونيل ميسي هو أفضل لاعب في العالم، الآن وفي كل حين. أسطورة برشلونة يمتلك كل شيء في خزانته، يمكنه تسجيل الأهداف من زوايا مختلفة، ويمكنه أن يصنع الفرص، ويمكنه أن يمرر، ويمكنه أن يراوغ في موقف واحد ضد واحد أو واحد ضد اثنين. ويمكنه التسجيل من الركلات الثابتة بكل سهولة.

مع ذلك، فيما يتعلق بالمهارة الأخيرة في هذه القائمة العريضة، فلم يكن الأمر معه كذلك في البداية. حتى أنه اُعتبر اللاعب رقم ثلاثة في تسديد الركلات الحرة على مستوى شباب برشلونة، وفقًا لزميله السابق روجر جيريبت، الذي قال في تصريح سابق في عام 2018: “فيكتور فاسكيز وخوانجو كلاوسي كانا ينفذان الركلات الحرة بشكل أفضل. بينما ميسي كان بعيدًا”.

لكن أين هما فيكتور فاسكيز وخوانجو كلاوسي الآن؟ يلعب فاسكيز لنادي أم صلال القطري، وكلاوسي مع نادي باتيرنا في الدوري الإسباني الدرجة الثالثة، وميسي معه 6 كرات ذهبية وبات أسطورة في برشلونة وأفضل منفذ ركلات ثابتة في العالم.

هذه ليست مشكلة كبيرة إذا كان لديك زملاء في الفريق مثل رونالدينيو وديكو ، كما كان الحال بالنسبة لليونيل ميسي عندما اقتحم قائمة الفريق الأول في عام 2005. ولكن حتى بعد رحيلهما، وتحول ميسي للاعب أساسي في كل المباريات والبطولات، لم يسجل هدف من ضربة ثابتة حتى أكتوبر 2008، عندما سجل أول ركلة حرة مباشرة في مباراة أتلتيكو مدريد.

كان ذلك في المباراة التي فاز بها برشلونة بنتيجة 6-1 في إحدى جولات الليجا. نفذ ميسي الضربة الحرة سريعًا بينما كان حارس منتخب فرنسا “جريجوري كوبيه” لا يزال ينظم الحائط البشري لفريق الهنود الحمر.

بالتأكيد كانت حركة مباغتة وذكية من ليو ميسي، ولكنه لم يكن قد وصل بعد إلى ذروة اتقانه للضربات الحرة، وهو ما يعكسه سجله في ذلك العقد مع نهاية موسم 2010/11.

ركلات حرة مباشرة سجلها ليونيل ميسي (من إجمالي الأهداف في جميع المسابقات):

موسم 2008/09: 1 (من 38 هدف).
موسم 2009/10: 2 (من 47 هدف).
موسم 2010/11: 1 (من 53 هدف).

منذ موسم 2011/12، زادت فعالية ميسي في تنفيذ الضربات الحرة. سجل 12 هدفًا منهم مع ناديه بين ذلك الموسم وحتى موسم 2014/15، وكان الكثير منها مهمًا في مجرى المباراة؛ حيث سجل اثنان ضد ريال مدريد في عام 2012، وواحدة ضد أياكس أمستردام في دوري أبطال أوروبا. وثلاثة آخرين في نفس الفترة كانت هدف الفوز بالمباراة.

وقال مؤخرًا زميله في الفريق إيفان راكيتيتش مازحًا: “في كثير من الأحيان عندما نحصل على ركلة حرة، نفكر بالفعل في الاحتفال”.

التحضير العصبي العضلي

ليونيل ميسي يسجل من ركلة ثابتة أمام ليفربول في دوري أبطال أوروبا
ليونيل ميسي يسجل من ركلة ثابتة أمام ليفربول في دوري أبطال أوروبا (صور: Getty)

يبدو الآن أنه لا يوجد لاعب من المستويات الكُبرى يستحق هذه الثقة. منذ بداية موسم 2016/17 ، سجل ميسي أهدافًا من الركلات الحرة أكثر من أي لاعب آخر في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى، وليس حتى بفارق ضئيل عن أقرب ملاحقيه.

فما سره إذًا؟ كيف انتقل ميسي من المتوسط إلى الأفضل في العالم؟ إجابة واحدة واضحة (إذا كانت مملة) هي الممارسة.

قال المدير الفني السابق للبرسا “إيرنستو فالفيردي”، بعد أن سجل ميسي ركلتين حرتين في مباراة واحدة ضد إسبانيول في موسم 2019/2018: “إنه يمارس دائمًا، ويسجل دائمًا”.

لكن هناك رؤية أخرى أكثر دقة، يتم تقديمها من خلال وصف ميسي للعملية ذاتها. وأوضح ميسي بعد المباراة نفسها: “أحاول اتباع طقوس، محاولًا القيام بذلك بالطريقة نفسها إذا نجحت، أكررها مرة أخرى”.

ما يصفه ميسي بأنه “طقوس” ، يطلق عليه الخبراء ما يُسمى بـ”التحضير العصبي العضلي”، وينطبق على اللحظات قبل ركل الكرة فعليًا.

هذه الطقوس تساعد ميسي على إعداد جسمه وتركيز عقله، وبالتالي تسمح لبعض الذاكرة العضلية بتولي زمام الأمور مع التخلص من التشتيت الداخلي، مثل القلق.

شيء نعرفه عندما يتعلق الأمر بأي حركة تكون خبيرًا ومتمرسًا فيها، ولكن إذا بدأت في التفكير في كيفية التنفيذ، فإن ذلك يتعارض مع الحركة الفعلية.

أما العلماء في قسم الفيزياء بجامعة برشلونة، أرجعوا السبب إلى ظاهرة “ماغنوس”. بحسب الظاهرة، ينفذ ميسي ركلاته بطريقة تؤدي إلى دوران الكرة حول نفسها؛ ما يولد قوة تسبب تغييرًا حادًا في مسارها، ويعمد النجم الأرجنتيني إلى الضغط أسفل الكرة، الذي يعطي مسارًا منحنيًا أكثر منه عند الضغط أعلاها.

بينما ترى صحيفة ماركا المدريدية أن السر في قدم ميسي اليمنى التي يستند عليها أثناء ركله للكرة؛ قديمًا كان يسند بحافة قدمه فقط، أما حاليًا فيستند عليها بشكل كامل.

أحدهم مارادونا

ميسي رفقة مارادونا (صور : RMC Sport)
ميسي رفقة مارادونا (صور : RMC Sport)

كشف مدرب اللياقة البدنية السابق في المنتخب الأرجنتيني، فرناندو سينيوريني قصة مساعدة مارادونا لليونيل ميسي في تنفيذ الركلات الثابتة.

مارادونا كان يلعب دور الأستاذ مع تلميذه ميسي، حين كانا معا في المنتخب الأرجنتيني.

قال سينيوريني: “في فبراير 2009، بعد أشهر من تولي مارادونا منصب مدرب المنتخب، ذهبنا إلى فرنسا لخوض مباراة ودية أمامهم. وقبل يوم من المباراة تدربنا في الملعب الذي سيحتضن اللقاء”.

وأضاف “وحين أنهى مارادونا الحصة، طلب منه كل من ميسي وماسكيرانو وتيفيز أن يتدربوا على تنفيذ الكرات الحرة.. ولسوء حظه، لم يتفوق ميسي في إحدى الكرات، الأمر الذي أغضب مارادونا”.

وقال مارادونا آنذاك بلهجة قوية “لا يعقل أن ينفذ لاعب موهوب مثل ميسي ركلة حرة كهذه”.

وشرع أسطورة كرة القدم الأرجنتينية في تلقين “ليو” تقنيات تنفيذ الضربات الحرة، حيث شدد له على ضرورة عدم رفع قدمه عن الكرة بسرعة كبيرة ثم التركيز على الزاوية التي يريد أن يسدد في اتجاهها.

وواصل سينيوريني: أن ميسي كان ينظر بإعجاب إلى مارادونا ويسجل المعلومات بشغف كبير، حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم.

إلى ذلك، وصل ميسي إلى ما مجموعه 52 هدفًا من ركلات حرة مباشرة خلال مسيرته الكروية في الفترة من أكتوبر 2008 حتى مارس 2020، من بينهم 6 ركلات مع منتخب الأرجنتين، و46 ركلة مع البرسا.

ويُعد لاعب منتخب البرازيل ونادي أولمبيك ليون الفرنسي المعتزل “جونينيو برنامبوكانو” الأكثر تسجيلاً للأهداف من ركلات ثابتة برصيد 77 هدف.

والتالي قائمة أفضل 10 لاعبين تسجيلاً للأهداف من ركلات ثابتة في التاريخ

  • البرازيلي جونينيو برنامبوكانو (77 هدفًا)
  • البرازيلي بيليه (70 هدفًا)
  • الأرجنتيني فيكتور ليجروتاجلي (66 هدفًا)
  • البرازيلي رونالدينيو (66 هدفًا)
  • الإنجليزي بيكهام (65 هدفًا)
  • الأرجنتيني مارادونا (62 هدفًا)
  • البرازيلي زيكو (62 هدفًا)
  • الهولندي كومان (60 هدفًا)
  • البرازيلي روجيريو سيني (59 هدفًا)
  • البرازيلي كاريوكا (59 هدفًا)

اقرأ ايضًا

مقالات ذات صلة