كرة القدم الأوروبية

ما بعد المباراة | بيكنباور يقود الشاحنة السداسية لسحق الحافلة المعطلة!

تخلص ريد بول لايبزيج بقيادة مدربه الصغير سنًا، الكبير فكرًا “جوليان ناجلزمان” من عقبة اتلتيكو مدريد في ربع نهائي دوري ابطال اوروبا بهدفين لهدف في اللقاء الذي أقيم على ملعب جوسيه آلفالادي مساء اليوم الخميس.

لم يستغن جوليان ناجلزمان عن الأفكار التي أهلته في وقت سابق على حساب توتنهام مورينيو في ثمن النهائي، وواصل تمسكه بخططه الهجومية للتأكيد على رغبته الجامحة في صناعة تاريخ يتحاكى به عشاق كرة القدم لسنين.

فريق المدرب صاحب الـ 33 عامًا تقدم بهدف في بداية الشوط الثاني، ورغم تسجيل جواو فيليكس لهدف التعديل، ودفع دييجو سيميوني بآلفارو موراتا لزيادة النجاعة الهجومية، إلا أنه لم يستسلم حتى الدقيقة الأخيرة وأراد الفوز وليس التعادل وركلات الجزاء.

وفي سياق هذا التحليل، نستعرض معكم ايجابيات وسلبيات المباراة لتفنيد ما فعله ناجلزمان لقطع ورقة التأهل على حساب سيميوني..

إيجابيات لايبزيج

اللياقة البدنية للفريق الألماني كانت حاسمةً في النتيجة النهائية أمام أردأ نسخ أتلتيكو مدريد.

لم يدخر جوليان ناجلزمان أي لاعب أساسي في محاولة للتقدم من الشوط الأول لكنه افتقد للحسم بغياب هدافه الرئيسي تيمو فيرنر الذي ساهم تقريباً في نصف أهداف الفريق في جميع بطولات الموسم الحالي.

سرعة الدفاع سمحت للفريق باللعب بدفاعٍ متقدمٍ حتى خط منتصف الملعب تقريباً، مما ضغط الأتلتي بشكلٍ محرج في وسط ملعبه.

سيارة بدفع سداسي

ملخص مباراة لايبزيج وأتلتيكو مدريد "نعم، انها بطولة ناجلزمان"
ملخص مباراة لايبزيج وأتلتيكو مدريد “نعم، انها بطولة ناجلزمان”

يعود الفضل في تفوق الماكينات في الشوط الأول لخطة شجاعة من المدرب الألماني الشاب الواعد ناجلسمان (33 عاماً) وتحديداً 3-3-3-1، حيث أشرك على كل طرف 3 لاعبين فيما يشبه شاحنةً عملاقةٍ بدفعٍ سداسيٍ وليس رباعيٍ فحسب: ظهيران دفاعيان على يمين ويسار قلب الدفاع السريع أوباميكانو هما كلوسترمان وهالستنبرج، ظهيران/جناحان بأدوارٍ مزدوجةٍ بين الدفاع والهجوم على يمين ويسار المايسترو السلوفيني كامبل هما لايمر وأنجيلينو مهمتهما الرئيسية إرسال العرضيات والقيام بالتبادلات مع الجناحين العكسيين، سابيتز يميناً ونكونكو يساراً، واللذان تفرغا للضم إلى العمق من أجل مساندة المهاجم الرئيسي المتمركز نكونكو ومن خلفه المهاجم الوهمي المتحرك داني أولمو، والذي عوض غياب الهداف تيمو فيرنر المنتقل مؤخراً لتشيلسي على أكمل وجه.

روح بيكنباور

قدَّم المدافع الفرنسي الشاب “دايوت أوباميكانو” أوراق اعتماده على طبقٍ من ذهبٍ في تلك المباراة الكبيرة، وأثبت للفرق المترددة والمشككة في قدرته على اللعب مع فريقٍ كبيرٍ كأساسيٍ في مثل هذه السن الصغيرة “21 عاماً” أنه نجمٌ لامعٌ قادمٌ بقوةٍ ليكون من أفضل مدافعي العالم بلا أدنى مبالغةً في السنوات القليلة القادمة، فاستغل سرعته الكبيرة وقدرته على التمرير المتقن والمراوغة لخلق الزيادة العددية أثناء التقدم للأمام وحتى بعد خط المنتصف، فلم يتردد في طلب الكرة من زملائه كلما سنحت له الفرصة، ويرجع ذلك لركضه المستمر في المكان المناسب بدون كرة، فضلاً عن ارتداده الخاطف فور فقدان الكرة ليضغط بكل قوةٍ على كوشتا ومن بعده موراتا في الشوط الثاني، وحتى كاراسكو وجواو فيليكس اللذين لم يسلما من مضايقته على الأطراف في كثيرٍ من الأحيان، ليكون بالفعل “قائداً قيصرياً” يبشر بميلاد جيلٍ جديدٍ من الليبرو المتقدم -المدافع الحر- العصري، يذكرنا بالأسطورتين: الألماني بيكنباور والإيطالي فرانكو باريزي.

ووصل استحواذ لايبزيج ل62% مقابل 38% للأتلتي في الشوط الأول، وسط تحول لخطة لايبزيج من 4-4-2 صريحة بدخول باتريك شيك بدلاً من أولمو في الشوط التاني تحت ضغط أتلتيكو.

سلبيات لايبزيج

غياب الأسماء الفارقة على مقاعد البدلاء، وإن كان الفريق قد تغلب عليها بالتراجع قليلاً للدفاع مع الاعتماد على الجماعية واستبدال الجناحين المرهقين لايمر ونكونكو بالشابين الواعدين آدامز وحيدرة لإضفاء الحيوية في شوط المدربين، رداً على دفع سيميوني بقوته الضاربة، وحصل العبقري ناجلسمان على مكافأته المستحقة بهدف الفوز من الشاب الأمريكي الواعد آدامز الذي لم يخذله في الرهان.

الحافلة المعطلة

لحظة تسجيل هدف التعادل من علامة الجزاء لأتلتيكو مدريد عن طريق جواو فيليكس
لحظة تسجيل هدف التعادل من علامة الجزاء لأتلتيكو مدريد عن طريق جواو فيليكس

لم يغير سيميوني من رسمه التكتيكي المعتاد بالاعتماد على خطة 4-4-2 مع محاولة توفير الطاقة قدر الإمكان بالانكماش في الخلف كثيراً مع الاعتماد على مهارة كاراسكو الفردية في محاولة صنع الفارق عن طريق المرتدات التي كانت شحيحةً جداً في الشوط الأول تحت ضغط الألمان.

سيميوني خرج بما أراده من الشوط الأول بالحفاظ على النتيجة قبل الزج بأوراقه الرابحة في الشوط الثاني في محاولةٍ لتكرار مباراته الملحمية السابقة أمام الليفر بامتصاص حماسهم في الشوط الأول قبل الإجهاز عليهم بالمخزون البدني في النصف الأخير من الشوط الثاني.

ارتكب التشولو خطئاً قاتلاً بالاحتفاظ بالعديد من الأساسيين على مقاعد البدلاء، فإن كانت إراحة جواو فيليكس مفهومةً لكي يصنع الفارق بسرعته ومهارته في الشوط الثاني، وهو ما قد حدث بالفعل في لقطة هدف التعادل من ضربة جزاءٍ حصل عليها وسجلها بنفسه عقب دخوله بوقتٍ قليل، فلم يكن هناك أي مبررٍ للبدء بالعجوز الغير جاهز بدنياً دييجو كوشتا على حساب الهداف الأكثر حركيةً ألبارو موراتا، حيث وضح جلياً أن أوباميكانو قد وضع كوشتا في جيبه طوال الوقت، ولم يستطع التفوق عليه في أي لقطة، لدرجة أنه قد اعتدى عليه من الخلف، في محاولةٍ “تكتيكيةٍ” فاشلةٍ لإصابته قبل دخول المهاجم البديل موراتا، ولكن الوحش أوباميكانو تمكن من النجاة من هذا الفخ أيضاً في مباراة العمر بالنسبة له.

الخطأ الثاني للتشولو كان في إبقاء أفضل لاعبيه لهذا الموسم، “توماس بارتي”، لحساب بديله المكسيكي الأليف “هيكتور هيريرا”، والغريب أن المدرب الأرجنتيني أصر على خطأه وأبقى على دبابته الغانية بجانبه على مقاعد البدلاء، مكتفياً بإشراك فيليكس وموراتا في الشوط الثاني، مع الزج بالمدافع البديل العملاق “فيليبي” في محاولةٍ يائسةٍ أخيرةٍ لخطف هدف التعادل بالاعتماد على العرضيات العالية من الجانبين، ولكن رهانه قد فشل في نهاية المطاف.

كان أتلتيكو مدريد أشبه بالحافلة الدفاعية الشهيرة “park the bus” التي اخترعها مورينيو وطورها سيميوني بالمرتدات القاتلة، إلا أنها ظهرت معطلةً وخاليةً من البنزين في مباراة اليوم بسبب مبالغة التشولو في الإبقاء على الكثير من النجوم إلى جانبه، فلم تكف جرعة وقود (فيليكس وموراتا) فقط لدفعهم لأكثر من التعادل، قبل ان ينفذ الوقود مجدداً في ربع الساعة الأخير من شوط المدربين.


اقرأ ايضًا..

مقالات ذات صلة