عادةً ما يجلب نجاح برسيبوليس الإيراني الفرح لمشجعيه ثم تنتهي القصة، ولكن هذه المرة كان كل شيء غير عادي، فقد أخذ ترشح الفريق إلى نهائي دوري أبطال آسيا بُعدًا وطنيًا، لدرجة احتفال بعض المدن الإيرانية الصغيرة بهذا الإنجاز، رغم أنها على بعد مئات الكيلومترات من العاصمة طهران.
ربما تكون هذه إحدى الفرص القليلة المتاحة للناس للنزول إلى الشوارع والاستمتاع، بالنظر إلى الحجم الهائل للأخبار السلبية التي عاشوها على مدار السنوات الماضية، فضلاً عن القيود الجديدة المترتبة على جائحة كورونا.
وحاولت وسائل الإعلام الإيرانية من إذاعة وتلفزيون، ووسائل إعلام موالية للنظام الحاكم، التلميح للجمهور أنه إذا لم ينجح برسيبوليس لأي سبب من الأسباب في التتويج، فإن الأمر سيكون له علاقة باللوبي السعودي في الاتحاد الآسيوي، رغم أن هذا اللوبي لم يحم الهلال من الإقصاء قبل 3 أسابيع بقرار إداري.
وكانت رسالة وسائل الإعلام المحلية المقربة من الحكومة الإيرانية واضحة: النصر السعودي يستخدم دولارات النفط لهزيمة خصمه الإيراني خارج الملعب.
وأعدت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في نسختها الفارسية تقريرًا حول وصول نادي بيرسيبوليس الإيراني إلى نهائي دوري أبطال آسيا هذا الموسم بعد تغلبه على النصر السعودي في نصف النهائي بفارق ركلات الجزاء الترجيحة بعد التعادل في الوقت الأصلي والإضافي 1/1.
وقالت بي بي سي في تقريرها “لم ينتبه أحد لحقيقة أنه خلال المسابقة، تم إبعاد الهلال السعودي، وهو الفريق الأكثر شعبية في المملكة، والذي اعتبره كثيرون الفريق الأقوى في البطولة والمرشح الأوفر حظًا لنيل اللقب، لكن بعد إصابة 16 لاعبًا من صفوفه بفيروس كورونا تم إبعاد الفريق”.
وتابع التقرير نفسه “كان على الهلال أن يكون لديه 14 لاعباً في المباراة الأخيرة في دور المجموعات أمام شباب أهلي دبي، و11 في الميدان وثلاثة على الأقل على مقاعد البدلاء لكن هذا لم يتوفر فتم إلغاء المباراة وإقصاء الفريق واعتباره منسحبًا من المسابقة وشطب جميع نتائجه”.
وأضافت “رغم احتجاجات الهلال على هذا القرار، رفض الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إعادته أو إلتماس العذر له، حتى عندما تم إحضار لاعبين شباب إلى قطر للجلوس على مقاعد البدلاء، لم يُسمح لهم بالمشاركة”.
وأشار تقرير بي بي سي “حتى لو تم إعلان خسارة الهلال للمباراة الأخيرة في دور المجموعات بنتيجة 3-0 لصالح الخصم، فإن الفريق السعودي كان لا يزال يتقدم إلى الدور التالي كمتصدر للمجموعة، لكنه مُنع من المواصلة وتدارك أموره”.
وأوضحت الشبكة واسعة الأنتشار، والناطقة باللغة الإنجليزية والعربية كذلك، إلى أنه كان لابد من تقييم نظرية النفوذ السعودي في الاتحاد الآسيوي بشكل منفصل، قائلة “لكن فجأة حدث شيء أعطى حياة جديدة لنظرية المؤامرة هذه. وتم استبعاد عيسى آل كثير لاعب برسيبوليس الذي سجل أهم أهداف فريقه في البطولة أمام السد القطري، وكان من العوامل الرئيسية لبلوغ الفريق نصف نهائي دوري أبطال آسيا. هذا الحرمان قبل ساعات قليلة من مباراة نصف النهائي أمام النصر السعودي، بالإضافة إلى شدة عقوبته التي وصلت إلى ستة أشهر، جعل الكثيرين يعتقدون أن هناك وراء الكواليس من أراد منع نجاح بيرسيبوليس أمام ممثل السعودية”.
وأكملت بي بي سي تحليلها “على أي حال، دخل بيرسيبوليس الميدان من دون هدافه الأول وهزم خصمه بيرسيبوليس إلى خروج آلاف المشجعين إلى الشوارع الإيرانية للاحتفال. لكن العقلية السائدة الآن هي أن فريق كرة قدم إيراني، رغم تعرضه للقمع ، كان قادرًا على هزيمة المتآمرين وتحقيق هدفه في الوصول إلى النهائي القاري”.
وأكدت بي بي سي أن قصة بيرسيبوليس اخذت الآن نكهة سياسية بالكامل، وقالت “بدا أن البعض يريد اغتنام فرصة هذا الانتصار والجو العام المتحمّس للتنافس بين منطقتي إيران والسعودية، كالعادة كانت أسهل طريقة هي اتهام الآخرين بالتآمر للتستر مرة أخرى على سوء الإدارة ونقص المعلومات الدقيقة حول قوانين الرياضة الدولية”.
واختتمت شبكة الـ BBC تقريرها المثير “الآن بيرسيبوليس واثق من أنه سيكون في نهائي دوري أبطال آسيا . بعيدًا عن التحيز والإثارة. خسرت كرة القدم الإيرانية أمام نفسها في حرب نفسية، كما هو الحال دائمًا، مع اختلاف أن بيرسيبوليس هذه المرة على الأقل في النهائي وهذا مصدر سعادة”.
