حماس المسلمين لا يكفي كانوتيه لبناء أول مسجد في إشبيلية منذ 7 قرون!
ناشد أسطورة نادي إشبيلية “فريدريك عمر كانوتيه” المجتمع الإسلامي بأهمية التبرع بأكبر قدر ممكن من الأموال لانجاح فكرة بناء “مسجد إشبيلية”، الذي سيكون أول مسجد يُنبى في تاريخ المدينة منذ 7 قرون (700 سنة).
وتدخلت منصة “لانش جود” للتمويل الجماعي لمساعدة النجم المالي المعتزل في بناء المسجد ولإقناع المجتمع المسلم على سرعة التحرك.
ومن المعروف أن مؤسسة LaunchGood تُركز في عملها على المجتمع الإسلامي في جميع أنحاء العالم، وتم إطلاقها للمرة الأولى في أكتوبر 2013، وفي العامين الأولين لها تمكنت من جمع ثلاثة ملايين دولار من أجل مساعدة 370 مشروع مسلم في 30 دولة مختلفة.
ونشرت منصة “لانش جود” إعلانات موجهة إلى الدول الإسلامية في الوطن العربي وأفريقيا وآسيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك وإنستاجرام وتويتر” خلال الأسبوع الماضي، لحثهم على التبرع لمشروع لاعب وست هام وإشبيلية الأسبق “عمر كانوتيه”.
وتُعد مؤسسة “لانش جود” التي تتخذ ديترويت وميشيجان وأتلانتا وجورجيا مقرًا لها، من أهم منصات التمويل الجماعي لجمع الأموال من الجمهور بطرق غير تقليدية، ويختار منشئو المشروع موعدًا نهائيًا وهدفًا أدنى للتمويل، وعادة ما يقدمون مكافآت أو مزايا للمساهمين على مختلف المستويات.
وتقوم المؤسسة بتنشيط يومي لهاشتاج يحمل عنوان #Kanoute4SevilleMosque بمد مستخدمي فيسبوك وتويتر بالأخبار الخاصة عن الحملة، وبنشر فيديوهات مستمرة عن الأندلس التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي.
وقالت لانش جود في مقالها المنشور الأسبوع الماضي “انضم إلى كانوتيه للمساعدة في بناء أول مسجد في إشبيلية منذ 700 سنة. نحن نبي مسجد ومركز ثقافي إسلامي في إشبيلية، وندعوكم للانضمام إلينا لتحقيق هذا الهدف النبيل، حيث سيكون أول مسجد يُبنى لهذا الغرض في هذه المدينة بعد تلك السنوات الطويلة”.
كانوتيه والأندلس..قصة عشق أبدية
يمتلك كانوتيه سجلاً هائلاً من الأعمال الخيرية والتدخلات الإنسانية لإعانة أفراد المجتمع، خاصةً في وطنه الأم مالي، وفي مدينة إشبيلية الإسبانية التي قضى فيها أجمل أيام حياته مع فريق ملعب سانشيز بثخوان.
نجاحه لم يقتصر على الدور الاجتماعي، فقد كان من أنجح مهاجمي الليجا الإسبانية خلال فترته مع إشبيلية الذي قاده لتحقيق عدة ألقاب من بينها كأس الاتحاد الأوروبي عام 2006 وكأس السوبر الأوروبي بالإضافة لعدة كؤوس محلية.
وبتدشين كانوتيه لحملة “مسجد إشبيلية”، نستطيع وصف علاقته بهذه المدينة بعلاقة العشق الأبدية.
منذ اثنى عشر عامًا من الآن، عام 2007 تحديدًا. ساعد فريدريك عمر كانوتيه الجالية المسلمة في إشبيلية عن طريق شراء قطعة أرض بمبلغ 500 ألف دولار، للإبقاء على مسجد كان مُهددًا بالهدم، بحجة انتهاء مدة إيجار الأرض التي كان يقع عليها.
ومنذ ذلك الحين نما المجتمع الإسلامي أكثر من أي وقت مضى بعد السقوط المدوي للدولة الإسلامية بداية القرن الـ 20، وزادت حاجة ورغبة سكان مدينة إشبيلية من المسلمين في مكان أفضل وأكبر من أجل العبادة وممارسة طقوسهم الدينية في مركز مختص للمجتمع المسلم على وجه التحديد.
ويقول كانوتيه في أحد الفيديوهات التي نشرتها مؤسسة لانش جود “بمساعدتكم سيصبح هذا المشروع حقيقة وواقع إن شاء الله، نريد أول مسجد مشيد لهذا الغرض في إشبيلية بعد 700 سنة”.
وأوضح “عندما كنت لاعبًا في إشبيلية ساعدت المجتمع المسلم بالمصلى المؤقت، والآن احتاج للمساعدة لبناء مسجد كبير في إشبيلية، أتشرف بأن أكون جزءًا من هذا المشروع الذي أرى بأنه يستحق الدعم”.
وأكد كانوتيه بكل ثقة أن المسجد إذا تم تشييده سيكون نقطة مشعة للإسلام، موضحًا “كلنا نعلم أن لاعبًا واحدًا لا يمكنه الفوز بمباراة لكرة القدم، انضموا لفريقنا لأننا نحتاج لدعمكم”.
ولا يزال التراث الإسلام حاضرًا بقوة في كل مدينة من المدن الإسبانية، وهو ما يجذب ملايين الزوار كل عام، نظرًا لمساهمة العلماء المسلمين الذين عاشوا في الأندلس، وتأثيرهم غير العادي في العلوم والفنون والفلسفة وعلم الاجتماع.
وسيكون المسجد والمركز الثقافي مساهمة إيجابية لتلبية الاحتياجات الدينية للمسلمين، كما أنه سيفتح أبوابه لكل أفراد المجتمع الأندلسي، بما في ذلك غير المسلمين، وبالتالي المساعدة في تبديد المفاهيم والأفكار المغلوطة والخاطئة عن المسلمين والدين الإسلامي عمومًا.
وتمتاز إشبيلية عن باقي مدن الأندلس، لأنها الأكبر وتمتلك فريقًا قويًا يُنافس ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد بصفة موسمية على الألقاب المحلية، ناهيك عن كونها عاصمة للأندلس الذي يجذب ملايين الزوار من مختلف دول العالم، ونسبة كبيرة من هؤلاء الزوار من المسلمين بطبيعة الحال.
ويبلغ عدد سكان إشبيلية من المسلمين حوالي 30 ألف نسمة، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد مسجد ضخم مخصص لصلاة المسلمين بصورة كريمة، فقد اكتفت الحكومة المحلية بتخصيص عدد من المساحات الصغيرة للصلاة.
بالتالي فلن يخدم المسجد والمركز الثقافي الاحتياجات الدينية للمسلمين المحليين فحسب، بل سيصبحان أيضًا مركزًا عالميًا يزوره مئات الالآف من المسلمين وغير المسلمين الذين يزورون إشبيلية سنويًا.
ونظرًا لأن غالبية المسلمين في إشبيلية هم الجيل الأول من المهاجرين بموارد مالية محدودة للغاية، فإن تكلفة بناء مسجد ومركز ثقافي تفوق طاقهم، ولهذا السبب يحتاج كانوتيه إلى مساعدة جميع المسلمين حول العالم لاتمام المشروع.
وتم تسجيل المشروع في السجلات الرسمية بمدينة إشبيلية في عام 2004، بهدف إنشاء مسجد ومركز ثقافي إسلامي، وعلى مدار الخمس سنوات الماضية عملت مؤسسة “مسجد إشبيلية” بلا كلل على مشروع المسجد والمركز الثقافي اللذين تم تصميمهما لهذا الغرض، واستقبل المجتمع المسلم فكرة المشروع بحماس كبير، لكن مع ذلك فلا تزال المؤسسة تفتقد القدرة على جمع التبرعات اللازمة لاتمامه.
وتُعد مؤسسة إشبيلية “مؤسسة خيرية مسجلة في الحكومة الإسبانية”، ودافعوا الضرائب في الاتحاد الأوروبي قادرين على الحصول على إعفاءات ضريبية لتقديم التبرعات لأي مؤسسة خيرية في بلد من دول الاتحاد الأوروبي، بنفس الطريقة التي يتبرعون بها للجمعيات الخيرية في بلدانهم الأوروبية.