اقتصادتقارير صحفية

ملف | مَن يخلف المُخرب الأعظم “هاني أبو ريدة” في الاتحاد المصري؟

هز الخروج المدوي للمنتخب المصري من ثمن نهائي كأس أمم أفريقيا 2019 الأرض الصلبة التي كان يرتكز عليها ويحتمي بها رجال الاتحاد المصري لكرة القدم بفضل تحقيقهم الصعود الأول للبلاد إلى كأس العالم منذ 28 عامًا.

في مقدمة طابور المسؤولين المهتز، عضو المكتب التنفيذي للاتحادين الأفريقي والدولي ورئيس اللجنة المنظمة لكأس أمم أفريقيا 2019 “هاني أبو ريدة”، الذي قدم استقالته من رئاسة اتحاد الكرة بعد ساعات قليلة من توديع مصر للبطولة التي تستضيفها في الفترة من 21 يونيه وحتى 19 يوليو الجاري.

أبو ريدة الذي ارتكب العديد من الأخطاء الإدارية الفادحة أثناء فترة رئاسته على صعيد مسابقات الأندية المحلية والقارية، متهم عدة اتهامات رياضية مثل اهمال الفئات العمرية المختلفة لمنتخبات مصر على مدار السنوات الخمس الماضية، واستغلال لاعبي المنتخب المصري لأهداف إعلانية، بالإضافة إلى تهمة التقصير في توفير الظروف الملائمة لهم قبل وأثناء كأس العالم ومن ثم كأس أمم أفريقيا التي حصلت مصر على تنظيمها بطريقة مثيرة للجدل بعد سحبها من الكاميرون في نهاية عام 2018.

أراد أبو ريدة أن يُخمد غضب وسائل الإعلام والجماهير المصرية بالتعجيل في تقديم استقالته من رئاسة الاتحاد فور خسارة مصر أمام جنوب أفريقيا على وتبعه المتحدث الرسمي باسم الاتحاد المصري لكرة القدم “أحمد مجاهد” الذي قدم استقالته مع رئيس لجنة الحكام “عصام عبد الفتاح”، وباقي أعضاء مجلس الإدارة “حازم إمام وخالد لطيف وسيف زاهر ودينا الرفاعي”.

وأنهى نائب رئيس الاتحاد (أحمد شوبير) هذا المشهد، بارسال خطاب رسمي إلى المدير التنفيذي، قال فيه “السيد الفاضل النائب اللواء د/ثروت سويلم، المدير التنفيذي للاتحاد، ارجو التكرم بقبول استقالتي من الاتحاد المصري لكرة القدم، مع خالص الشكر”.

كوارث أبو ريدة

محاولة الفرار من المسألة القانونية أمام السلطات المصرية لن تكون سهلة أبدًا على هاني أبو ريدة ورفاقه، فلا يزال الغموض يكتنف مصير مكافآة التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018 التي تحصلوا عليها من الاتحاد الدولي “فيفا”.

وتصل قيمة المكافآة إلى ثمانية ملايين يورو، أي ما يعادل 148.2 مليون جنيه مصري بسعر الصرف الحالي، حوالي 164 مليون جنيه مصري بسعر الصرف في شهر ديسمبر 2018، عند تلقي المبلغ كامل من الفيفا.

وقام الفيفا بصرف مبلغ 2.2 مليون يورو من المكافآة قبل وصول بعثة المنتخب المصري إلى روسيا للمشاركة في المونديال، وقام الاتحاد المصري بصرف مبلغ 500 ألف جنيه مصري لكل لاعب من الـ 44 لاعبًا الذين ساهموا في التأهل إلى البطولة، أي أنه دفع ما مجموعه 22 مليون جنيه بسعر الصرف الحالي، ليتبقى حوالي 15 مليون جنيه، مصيرهم مجهول مع الـ6.8 مليون يورو التي وصلت للاتحاد فيما بعد.

وسيتوجب على هاني أبو ريدة تبرئة نفسه في قضايا أخرى مثل الأموال التي تلقاها من رئيس إقليم الشيشان “رمضان قديروف” أثناء إقامة المنتخب هناك بمونديال روسيا، لتسهيل زيارة محمد صلاح لقصر قديروف وارغامه على الحصول على نيشان “المواطن الفخري”، وهو التصرف الذي خلف الكثير من المشاكل لـ “مو صلاح” مع الإعلام الإنجليزي قبل مطلع موسم 2019/2018، ما أثر على تحضيره الفني والنفسي لموسم ليفربول.

وارتكب أبو ريدة جُرم أخر في حق مصر أثناء فترة رئاسته للاتحاد المحلي، فلم يستغل تواجده كعضو في لجنة التسويق التابعة للاتحاد الأفريقي “كاف” لتعديل العقد المُبرم بين الكاف وشركة لاجاردير سبورت ورفع أرباح مصر من تنظيم كأس أمم أفريقيا 2019 من 47 مليون يورو إلى مبلغ يقارب الـ 90 مليون يورو.

وقدم سكرتير عام الكاف “عمرو فهمي” ما يكفي من مستندات إلى الفيفا، تثبت تورط هاني أبو ريدة مع رئيس الاتحاد المغربي “فوزي لقجع” في التساهل في حقوق مصر، بعدم مراجعة بنود التعاقد مع لاجاردير والتي تتيح للكاف فرصة فسخ العقد بشكل قانوني، وإعادة طرح حقوق بث مسابقات الكاف للبيع أمام الشركات الراغبة في الشراء بسعر أفضل من سعر الشركة الفرنسية.

ووصلت كوارث وهفوات أبو ريدة إلى حد التعدى على حدود دولة شقيقة، بوضع راية جماعة “البوليساريو” على خريطة الصحراء المغربية بدلاً من راية المغرب، في الفيديو الرسمي عن كأس أمم أفريقيا 2019.

وهذا التصرف غير المسبوق من مصر تجاه المغرب، فتح تساؤلات عدة حول تقاضي أبو ريدة مقابل مالي لإظهار تلك الراية ولو بضع دقائق، بما أن له سابقة بالتعاون مع رئيس إقليم الشيشان المتهم بجرائم حرب.

وما ضاعف شكوك التعاون ما بين أبو ريدة والبوليساريو، ذلك الاعتذار السريع للغاية الذي قدمه أبو ريدة للحكومة المغربية، وكأن الأمر مطبخًا له بهذه الطريقة، فالهدف كان أن يعرف الأفارقة وعشاق كرة القدم، شعار راية البوليساريو، ويقوم مُتتبعي البطولة بالتنقيب والبحث عن أخبارهم!.

وطالب المحامي “جمال سمير محرم” النائب العام المصري (المستشار نبيل أحمد صادق) بالتحقيق في كافة المخالفات الإدارية والمالية لهاني أبو ريدة وأعضاء اتحاد الكرة، عن طريق تقديم بلاغ رسمي يتهمهم فيه بالاستيلاء وإهدار المال العام.

وتم توجيه البلاغ ضد مجلس إدارة اتحاد الكرة بأكمله، وخص بالذكر رئيس لجنة المسابقات (عامر حسين)، ورئيس لجنة شؤون اللاعبين (محمود الشامي)، وذكر البلاغ أن الدولة تنتهج في جميع مؤسساتها وفي جميع القطاعات، توجيه مصادر الإنفاق بما يتفق مع ما تمر به الدولة من ظروف اقتصادية، وسعيًا لتحقيق الصالح العالم.

وأضاف البلاغ “هدف المؤسسات هو الحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله وعدم إهدار المال العام، حيث أن ما تم إهداره من مال عام، وما تم الحصول عليه من تبرعات أو دعم من الداخل والخارج خاصة أن مؤسسة اتحاد كرة القدم تخضع لقوانين دولية منظمة”.

وختم المحامي الشهير بلاغه “لا يمكن التدخل في شؤون الاتحاد المحلي وفق قوانين الفيفا، لكن قوانين وتعليمات الفيفا تؤكد أنه إذا ثبتت أو تواجدت شبهة فساد أو استيلاء على الأموال، فإن الأمر متروك للجهات المعنية داخل الدولة للتحقيق”.

وتلقى خافيير أجيري راتبًا شهريًا تعدى الـ 107 ألف يورو منذ توليه مسؤولية تدريب المنتخب المصري الأول في أغسطس 2018، وبعد إقالته بقرار من هاني أبو ريدة ليلة أمس، سيتوجب على الاتحاد المصري تسديد مبلغ يفوق الـ 200 ألف يورو كتعويض للمدرب المكسيكي ومعاونيه.

خليفة أبو ريدة

الأخطاء التي اقترفها هاني أبو ريدة، أو الخراب الذي خلفه لكرة القدم المصرية، فتح الباب لترشيح عدة أسماء لرئاسة اتحاد الكرة سواء بالانتخاب بعد عام من الآن، أو بالتعيين إذا تطلب الأمر كي لا تضيع فرصة مصر في التأهل لمونديال 2022 قبل الآوان.

السكرتير العام السابق للاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” ورئيس لجنة مسابقات فيفا السابق “مصطفى فهمي”، يعد أبرز وأجدر المرشحين لخلافة هاني أبو ريدة لتمتعه بخبرات عالية وقدرات خاصة في الإدارة، كما أنه قليل الظهور في وسائل الإعلام، وقليل الكلام وكثير الفعل.

مصطفى فهمي ظل في منصب سكرتير عام الكاف لمدة 28 عامًا، وفي سبتمبر 2010 استقال للتفرغ لعمله الجديد مع الفيفا بالإشراف على لجنة المسابقات بدلاً من الأمريكي جيم براون، ليكون أول عضو من خارج دول الاتحاد الأوروبي والأمريكتين يتولى هذا المنصب في تاريخ الفيفا، وبعدها بأربعة أعوام تولى منصب مدير بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل.

وتردد اسم مصطفى فهمي بقوة أكثر من أي مُرشح آخر لتولي زمام أمور الاتحاد المصري، بينما طالب البعض مدير التعاقدات السابق في النادي الأهلي ولاعب الأهلي والإسماعيلي الأسبق “محمد فضل” بعد إدارته المميزة لملف تنظيم مصر لبطولة أمم أفريقيا 2019.

ولعب محمد فضل دورًا هامًا في تطوير الملاعب الرئيسية لكأس أمم أفريقيا وملاعب التدريبات، كما اختار واكتشف عناصر شبابية ساعدته على تنظيم الحدث بصورة تليق بسمعة مصر حتى الآن.

كما يتمتع فضل بأفكار حيوية وجديدة مقتبسة من التجارب الحديثة في الملاعب الأوروبية، ويراه البعض الرجل الأنسب لقيادة مرحلة جديدة مختلفة للكرة المصرية.

وهكذا ينحصر الاختيار ما بين “رجل خبير وشاب صغير” على المقعد الأكثر سخونة في مصر خلال الأشهر القادمة، خاصةً مع بداية مشوار تصفيات التأهل إلى مونديال قطر.

لكن هل يسمح رؤوساء أندية الدوري المصري بانتخاب رئيس في سن صغير مثل فضل الذي سيُكمل عامه الـ 39 مطلع أغسطس المقبل؟ وهل سيقبلوا التعامل مع رئيس صاحب أفكار مختلفة عن تلك التي اعتادوا عليها لسنين طويلة؟

إلى ذلك، تنص لائحة اتحاد الكرة المصري على تولي المدير التنفيذي للاتحاد (اللواء / ثروت سويلم) منصب الرئيس في حال استقالة الرئيس المنتخب (هاني أبو ريدة)، على أن يبقى في منصبه لمدة 3 أشهر، يُحدد خلالهم الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية المُبكرة.

مقالات ذات صلة