الأخبار الرياضية

تقرير | حالة مؤمن زكريا الأولى مصريًا، لكنها ليست الأولى عالميًا

البداية كانت مع فريق أُحد السعودي، الذي أعلن تعاقده مع مؤمن زكريا على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر في يناير 2019. ولكن بعد أيام قليلة، أعلن النادي الناشط في دوري محمد بن سلمان للمحترفين، إصابة اللاعب بخلل في العضلات يمنعه من ممارسة كرة القدم لفترة طويلة.

وقال حينها رئيس نادي أُحد، سعود الحربي: “زكريا كان مصابًا قبل تعاقدنا معه، وتم اكتشاف إصابته عندما بدأ التدرب مع الفريق، ولاحظ البعض عدم قدرته على استكمال المران بشكل طبيعي، وخضع اللاعب لفحص طبي، اتضح أنه يُعاني من ذلك الخلل”.

قرر نادي أُحد فسخ تعاقده مع مؤمن زكريا وإعادته مجددًا إلى الأهلي المصري.

ظل اللاعب الأسبق للمصري والزمالك، سبعة أشهر كاملة بعد فسخ إعارته من دون تدرب، وساء الوضع أكثر بعدم قيده بالنادي الأهلي، الذي أجرى كشفًا طبيًا له، أكد أنه غير مصاب بأي إصابات عضلية مزمنة كما ادعى أطباء أحد.

لكن بالتدقيق أثبتت الفحوصات أن مؤمن يُعاني من أزمة نفسية تسببت في التأثير على العضلات بشكل كبير وجعلته غير قادر على التدرب.

إلى هنا لم يكن الكثير يعرف ماذا يحدث مع مؤمن زكريا، حتى ظهور اللاعب على الهواء مع الإعلامي مهيب عبد الهادي في قناة MBC مصر.

بعد هذا اللقاء، أضحى البالغ من العمر 31 عاماً حديث المصريين، وأعلن الملايين تضامنهم مع اللاعب عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وأصبح اسمه الأكثر بحثًا على الشبكة العنكبوتية في مصر خلال ال72 ساعة الماضية.

حيث ظهر اللاعب خلال البرنامج، في حالة غير مستقرة تجلت ملامحها، في صعوبة النطق والتحدث بسهولة، بالإضافة إلي نظراته الغريبة ووجه الشاحب، ما يؤكد أن اللاعب مر ويمر بمرحلة هي الأصعب في حياته سواء المهنية أو الشخصية.

أوضح مؤمن زكريا خلال اللقاء، أن إصابته نفسية بالدرجة الأولى، إلا أنه كشف عن شعوره بألم دائم في ركبته، وعلى الرغم من إجرائه للفحوصات الطبية لم يتوصل الأطباء إلي السبب وراء هذه الآلام.

وترتب على ذلك، إتخاذ اللاعب قرار السفر إلي ألمانيا نهاية الشهر الجاري، لتشخيص حالته، والبدء في العلاج بالتنسيق مع النادي الأهلي.

ما سبق، يُرجح أن مرض مؤمن زكريا له سببين؛ الأول نفسيّ، بسبب ابتعاده عن الملاعب والتدريب لفترة طويلة، والثاني بدنيّ، بسبب معاناته من آلام في الركبة.

يتطلب العلاج، دعمًا معنويًا، وعناية طبية خاصة، وهو ما تحقق بالفعل على أرض الواقع. حيث انهالت رسائل الدعم من كافة الجماهير بمختلف انتماءاتها لتُشجع مؤمن على مواصلة رحلة العلاج من أجل العودة مجددًا إلي الملاعب، وتجمهر حول منزل والده في الزيتون عشرات المناصرين للنادي الأهلي يوم أمس الأحد، كما تم الاتفاق على سفره إلي ألمانيا لتلقي العلاج المناسب بتوصية استثنائية من رئيس الأهلي “محمود الخطيب”.

العودة من الاكتئاب

بالطبع تُعتبر حالة مؤمن زكريا سابقة استثنائية في الأوساط المصرية الرياضية، لكنها ليست الأولى عالمياً فقد سبقه بعض النجوم، الذين لجأوا لعيادات الطب النفسي واستطاعوا تجنب الاعتزال والعودة بمستوى أقوى إلى الملاعب، وأشهرهم حاليًا؛ نجما منتخب إنجلترا “آرون لينون وداني روز”، وهذا ما يتمناه عشاق الأهلي وجمهور الكرة المصرية، أن يعود مؤمن زكريا من أزمته النفسية.

قبل حوالي عامين من الآن، أضطرت الشرطة الإنجليزية لاحتجاز الجناح السريع زميل حسام غالي وأحمد حسام ميدو في توتنهام “آرون لينون” في مصحة نفسية، بعد ظهوره في حالة خطيرة في ضواحي وسط مدينة مانشستر، بعد تلقي تحذير عن رجل في وضع غير مستقر.

الشرطة تناقشت لمدة 20 دقيقة مع اللاعب الدولي الإنجليزي حتى وافق على الذهاب للمصحة النفسية فيما وصفه فريقه إيفرتون في ذلك الوقت بـ”مرض خاص بالضغط”.

كانت معركته مع الاكتئاب محتدمة للغاية، استمر الأمر معه على حد قوله إلى أربعة أو خمسة أعوام. لكنه الآن بحالة جيدة مع فريقه بيرنلي الذي يُمثله في الدوري الإنجليزي الممتاز.

الحالة الثانية، كانت للنجم الإنجليزي داني روز، الظهير الأيسر لتوتنهام هوتسبير. ولكن حالة داني كانت أقل وطأة من حالة مواطنه آرون لينون.

اعترف الدولي الإنجليزي بمعاناته من الاكتئاب خلال فترة تعافيه من إصابته بقطع في الرباط الصليبي خلال الموسم قبل الماضي (2017/18) والذي عاش فيه أسوأ فتراته على الإطلاق.

ويُعد داني روز الوحيد في منتخب إنجلترا الذي لا يتواصل مع الجمهور مثل باقي زملائه، حيث لا يَستخدم مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر وفيسبوك وإنستاجرام”.

وحرص اللاعب على التحدث حول هذا الأمر خلال حوار مع راديو هيئة الإذاعة البريطانية BBC، واعترف بحقيقة معاناته الكبيرة قبل انطلاق بطولة كأس العالم 2018 في روسيا من الاكتئاب وكيف جاهد من أجل التخلص منه.

وقال روز “ما مررت به ليس سرًا، ذهبت إلى طبيب نفسي، وحالتي تم تشخيصها بأنها اكتئاب، واضطررت إلى الابتعاد عن توتنهام لبعض الوقت”.

وأكمل “كنت أتلقى العلاج من الاكتئاب لعدة أشهر، ولم يكن يعرف أحد ذلك في تلك الفترة غير وكيل أعمالي. لكن أنا الآن توقفت عن الدواء وأشعر بتحسن وأنتظر اللحظة التي سأسافر فيها إلى روسيا للمشاركة في مونديال 2018 مع إنجلترا”.

الاعتزال أو الانتحار

هناك مَن استسلم للاكتئاب وقرر الاعتزال، وهناك من استسلم وقرر الانتحار، قبل ما يزيد عن 10 سنوات، عاشت الكرة الألمانية مأساة حقيقية بفقدان الحارس المنتحر “أنكه” بعد أيام من اعتزال موهبة بايرن ميونخ المتفجرة “سيباستيان دايسلر”.

خمس إصابات متتالية بقطع في الرباط الصليبي دَمرت مسيرة دايسلر، بل وكادت تُدمره هو شخصيًا وتدفعه نحو الانتحار كما فعل الحارس الألماني “أنكه”، حسب قول رئيس بايرن ميونخ “أولي هونيس” في عام 2009.

واتخذ دايسلر قرار اعتزاله لكرة القدم خلال مؤتمر صحفي عقده عام 2007، بعدما شعر بأن لعنة الرباط الصليبي لن تفارقه وأن آلالام الركبة ستطارده إلى الأبد.

وقال اللاعب بعد أن أتم عامه الـ 27 “ليس لديً أي أمل في ركبتي بعد الآن. ستكون محنة على المدى الطويل، ولن يكون بمقدوري اللعب بنفس مستوى والاستمتاع الصحيح، وأنا لا أقبل أنصاف الحلول”.

وشارك دايسلر لاول مباراة في البوندسليجا رفقة نادي بوروسيا مونشنجلادباخ عام 1998، وكان عمره 18 عامًا.

وسرعان ما أختير للعب مع منتخب ألمانيا للمرة الأولى عام 2000 قبل أن ينتقل من هيرتا برلين إلى بايرن ميونيخ في عام 2002 رغم الإصابة التي أبعدته آنذاك عن مونديال كوريا واليابان.

وفي عام 2009، أعاد رئيس نادي بايرن ميونخ “أولي هونيس” فتح قضية دايسلر، خلال استضافته في برنامج 35 دقيقة على قناة سات ون الألمانية، للتحدث عن فوزه بالانتخابات الرئاسية للبافاري.

وقال هونيس “بعد اعتزال دايسلر، الوضع كان سيئًا للغاية. تحدثنا معه وساعدناه على النهوض من جديد وأنقذناه مما كان فيه وما كان يُقدم على فعله”.

وخضع دايسلر لعلاج مكثف في العيادات النفسية بعدما شعر بحالة إكتئاب بسبب الاعتزال المُبكر، وقصد هونيس بالانقاذ هو تجنب مأساة الحارس إنكه الذي انتحر وقتها.

مقالات ذات صلة