تقارير صحفية

هل يحتاج ايتو لطبيب نفسي للعلاج من أثار لعنة الفراعنة؟

تأبى لعنة الفراعنة في التوقف عن مُلاحقة أسطورة الكاميرون والهداف التاريخي لـ بطولات كأس أمم أفريقيا «صامويل إيتو» في كل لقاء يجمع مصر بالكاميرون ويكون لإيتو علاقة به.

ضربت لعنة الفراعنة صامويل ايتو في 5 مشاهد مختلفة، 4 كلاعب في الفترة من 2004 إلى 2010، ثم عادت بعد 12 عامًا، يوم الخميس الثالث من فبراير 2022، لتفسد عليه بداياته في رئاسة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، وتضربه في مشهد خامس هو الأهم، والذي قد يدفعه نحو اللجوء لطبيب نفسي للعلاج.

انتصر المنتخب المصري على مضيفه الكاميروني بفارق ركلات الجزاء الترجيحية في نصف نهائي بطولة كأس أمم أفريقيا على ملعب باول بيا في العاصمة ياوندي، وسط حضور رئيس البلاد ورئيس الفيفا انفانتينو ورئيس الكاف موتسيبي، وقبلهم جميعًا «صامويل إيتو».

إيتو الذي تولى رئاسة الاتحاد الكاميروني يوم 11 ديسمبر 2021، بعد منافسة شرسة مع الرئيس الأسبق للاتحاد «سيدو مبومبو نجويا»، عمل بكل طاقته على إقامة كأس أمم أفريقيا في موعدها رغم عدم جاهزية بلاده للتنظيم، لكنه لم يكن يعلم بأنه سيأتي في يوم من الأيام، ويشعر فيه بالندم على هذا الإصرار.

المشهد الأول..مصر تفوت كأس العالم 2006 على إيتو

خلال موسم 2005/2004، كان إيتو أحد أهم وأشهر 5 نجوم كرة القدم حول العالم، وضمن أهم المهاجمين تسجيلاً للأهداف في الدوريات الأوروبية الكبرى.

ورشحته وسائل الإعلام الأوروبية آنذاك للمنافسة على جائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا ومجلة فرانس فوتبول، بسبب تسجيله لـ 25 هدفًا في الدوري الإسباني، و4 أهداف في دوري أبطال أوروبا، و9 أهداف مع منتخب الكاميرون.

صامويل إيتو ودروجبا في تصفيات كأس العالم 2006
دروجبا يستعين بمصر لهزيمة إيتو في تصفيات كأس العالم 2006 – صور Getty

كما انتظر الجميع مساعدته لمنتخب بلده الكاميرون للترشح إلى نهائيات كأس العالم في ألمانيا 2006، بصفته نجم الجيل وبما أنه يعيش أفضل أيامه مع المستديرة.

لكن مصر كانت لها رأي آخر بالتسبب في خسارة الكاميرون لصراع صدارة المجموعة الثالثة في تصفيات أفريقيا المؤهلة الى مونديال المانيا، أمام كوت ديفوار خلال عامي 2004 و2005 (فترة الصعود الصاروخي لإيتو في كرة القدم الأوروبية مع برشلونة).

وفازت مصر على الكاميرون في مباراة الذهاب بملعب المقاولون العرب بثلاثة أهداف سجلهم محمد شوقي وأحمد حسن وطارق السيد في الدقائق 44 و74 و89، مقابل ثنائية لصامويل إيتو في الدقيقتين 90 و91.

وفي مباراة الإياب التي أقيمت على ستاد أحمدو أهيدجو يوم 7 أكتوبر 2005، كانت الكاميرون بحاجة للفوز لانتزاع الصدارة من رفاق دروجبا، وبالفعل تقدمت الكاميرون بهدف «دوالا مبيلا» في الدقيقة 20، ولم يستطع صامويل إيتو التسجيل، ليأتي محمد شوقي في الدقيقة 79 ليوجه ضربة قاتلة لأحلام الأسود بتسجيل هدف التعادل ويهدي كوت ديفوار الصدارة.

وفي تلك الفترة، كان في جعبة صامويل إيتو 6 أهداف في افتتاح الدوري الاسباني موسم 2006/2005، سجلهم أمام ريال مايوركا وأتلتيكو مدريد وريال بيتيس وريال سرقسطة.

وأنهى منتخب الكاميرون مشواره في التصفيات برصيد 21 نقطة بفارق نقطة يتيمة عن كوت ديفوار التي تأهلت لأول مرة في التاريخ، وحلت مصر ثالثة برصيد 17 نقطة، وجاءت ليبيا رابعة والسودان خامسة وبنين سادسة.

المشهد الثاني..مصر تبعد ايتو عن لقب الأفضل في أفريقيا

سجل صامويل ايتو الكثير من الاهداف في عام 2008 مع برشلونة، بواقع 14 هدفًا في الدوري الاسباني، وهدفًا في كأس ملك إسبانيا، و13 هدفًا مع منتخب الكاميرون من بينهم 5 أهداف في بطولة كأس أمم أفريقيا التي استضافتها غانا بين يناير وفبراير، تُوج بفضلهم بلقب هداف البطولة.

لكن خسارة الكاميرون لنهائي كأس أمم أفريقيا 2008، وفشل إيتو في التغلب على قلب دفاع المنتخب المصري «وائل جمعة» في المباراة المنتهية بهدف دون رد سجله محمد أبو تريكة في الدقيقة الأخيرة بصناعة زيدان، حرمه من دخول قائمة أفضل 3 لاعبين في قارة أفريقيا في الحفل الذي نظم مطلع عام 2009.

وانتصر المنتخب المصري على نظيره الكاميروني في افتتاح دور مجموعات أمم أفريقيا 2008 (المجموعة الثالثة) بنتيجة 2/4، وسجل إيتو ثنائية في الدقيقتين 50 و90.

حسرة إيتو بضياع لقب أمم أفريقيا في نهائي 2008 أمام مصر
حسرة إيتو بضياع لقب أمم أفريقيا في نهائي 2008 أمام مصر – صور Getty

وكرر الفراعنة ترويض الأسود في النهائي بهدف أبو تريكة، تحت أنظار إيتو الذي وجد نفسه في نهاية السنة خارج المنافسة على لقب أفضل لاعب أفريقي.

وذهبت الجائزة آنذاك لمهاجم توجو «إيمانويل أديبايور» المتألق مع آرسنال، وتلاه نجم الأهلي ومصر «محمد أبو تريكة»، وحل ثالثًا نجم وسط تشيلسي «مايكل إيسيان».

المشهد الثالث..مصر تضيع على إيتو منافسة ميسي

أضاع المنتخب المصري على صامويل إيتو إنجاز غير مسبوق بالنسبة للاعبين الأفارقة في عام 2010، بالجمع ما بين بطولة قارية والثلاثية التاريخية مع ناديه الجديد «انتر ميلان».

أحمد فتحي وصامويل إيتو في أمم أفريقيا 2010
أحمد فتحي وصامويل إيتو في أمم أفريقيا 2010 – صور Getty

شهدت سنة 2010 وصول صامويل إيتو لهدفه الـ 18 في تاريخ مشاركاته ببطولة كأس أمم أمم أفريقيا، حين هز الشباك بهدفين في دور المجموعات أمام زامبيا وتونس، ليقود بلاده إلى ربع النهائي لمواجهة مصر.

ونجحت الكاميرون في التقدم بهدف من نيران صديقة لأحمد حسن في الدقيقة 26، لكن نفس اللاعب عاد ليسجل لكن هذه المرة هدف لمصر بقذيفة بعيدة المدى في الدقيقة 37، لتنتقل المباراة إلى أشواط إضافية، شهدت تسجيل مصر لهدفين في الدقيقتين 92 و95 بأخطاء مشتركة ما بين المدافعين والحارس إدريس كاميني.

حسرة إيتو بالخروج أمام مصر في ربع نهائي أمم أفريقيا 2010 واحتفال أحمد عيد عبد الملك
حسرة إيتو بالخروج أمام مصر في ربع نهائي أمم أفريقيا 2010 واحتفال أحمد عيد عبد الملك – صور Getty

وعض إيتو أصابع الندم كثيرًا على ضياع لقب أمم أفريقيا 2010 بسبب تتويجه في وقت لاحق بالثلاثية التاريخية مع انتر ميلان تحت قيادة جوزيه مورينيو، فقد كان سيضمن له التتويج بلقب البطولة الأفريقية الدخول في منافسة مع «ليونيل ميسي وأندريس إنييستا وتشافي» على لقب أفضل لاعب في العالم.

وخيب إيتو الآمال خلال كأس العالم بجنوب أفريقيا رغم تسجيل هدفين، فقد أخفق في قيادة بلاده لأي فوز أو تعادل أمام منتخبات المجموعة الخامسة التي ضمت «اليابان والدنمارك وهولندا».

المشهد الرابع..غاب إيتو 2017 فخسرت مصر

عمقت مصر عقد إيتو النفسية حتى في خسارتها من الكاميرون، فلم يحدث وخسر الفراعنة أمام الأسود إلا بعد استبعاد إيتو عن المنتخب الكاميروني في كأس أمم أفريقيا 2017.

اعتزل صامويل إيتو كرة القدم بصورة نهائية في عام 2019 بين صفوف نادي قطر القطري الذي مثله في 16 مباراة، وسجل له 6 أهداف في دوري نجوم QNB.

وعلى الرغم من تسجيله للأهداف بانتظام مع نادي أنطاليا سبور التركي في 3 مواسم متتالية، باجمالي 44 هدفًا في 74 مباراة، خلال الفترة من 2015 إلى 2018. إلا أن المدير الفني لمنتخب الكاميرون «هوجو بروس» فضل استبعاده والاعتماد على العناصر الشابة أمثال «فينسنت أبو بكر وزوا وإدجار سالي وكريستيان باسوجوج وإيكامبي».

وفي الوقت الذي ابتعد فيه أخيرًا إيتو عن منتخب الكاميرون، فازت أخيرًا على مصر في نهائي نسخة 2017، وهو الفوز الأول للبلاد منذ هدف باتريك مبوما بالرأس في مرمى عصام الحضري بربع نهائي نسخة 2002.

المشهد الخامس..عاد إيتو 2021 فانتصرت مصر

قرر إيتو في نهاية عام 2021 العودة إلى الواجهة من جديد، بتولي رئاسة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، الذي كان بحاجة ماسة لوجود شخص بشهرته وسمعته، يستطيع التأثير على العالم الرافض لإقامة كأس أمم أمم أفريقيا في الكاميرون مطلع عام 2022.

ايتو يخسر نصف نهائي أمم أفريقيا 2021 أمام مصر وهو رئيس للاتحاد الكاميروني
ايتو يخسر نصف نهائي أمم أفريقيا 2021 أمام مصر وهو رئيس للاتحاد الكاميروني

لكن العبارات الرنانة والكلام المنمق الذي استخدمه في جميع خرجاته الإعلامية ووعوده بتنظيم مثالي لكأس أمم أفريقيا، لم يكن له أي وجود على أرض الواقع، فقد عانت جميع المنتخبات من سوء التنظيم.

وما زاد الطين بلة، وفاة 6 مشجعين في حادثة تدافع خارج الملعب الرئيسي للبطولة «باول مبيا» بعد مباراة الكاميرون وجزر القمر في ثمن النهائي، واستخدام إيتو لعائلات الضحايا فيما بعد لتحفيز لاعبي المنتخب قبل مواجهة مصر في نصف النهائي، بعد 24 ساعة من وصف المباراة بالحرب.

مع ذلك، خسرت الكاميرون من مصر بفارق ركلات الجزاء، وأخفقت لأول مرة منذ بداية البطولة في هز الشباك، رغم حضور الثنائي الخطير فينسينت أبو بكر وتوكو إيكامبي في خط الهجوم، ورغم تولي الحكم المشبوه «بكاري جاساما» لمسؤولية إدارة اللقاء، ومحاولاته فعل شيء ممكن لإخراج لاعبي مصر عن تركيزهم، لكن الفراعنة قدموا درسًا جديدًا في الإصرار واللعب الرجولي حتى الرمق الأخير، واستطاعوا الفوز بقيادة محمد صلاح والحارس الأمين «محمد أبو جبل».

هكذا كرس رجال المدرب كارلوس كيروش عقدة مصر لصامويل إيتو الذي بات متأكدًا الآن بمدى حاجته لطبيب نفسي لمساعدته على تخطي أثار لعنة الفراعنة، وإن لم يفعل فعليه بالاستسلام بسرعة وعدم الانتظار لعقود وعقود كما فعل رئيسه السابق «عيسى حياتو» الذي سلم لمصر وهو كرئيس للكاف 4 كؤوس في كأس أمم أفريقيا، وعدد هائل من بطولات دوري أبطال أفريقيا.

مقالات ذات صلة