تقارير صحفية

من هو جزار بلباو جويكوتشيا المتسبب في رحيل مارادونا عن برشلونة؟

بوفاة مارادونا المُفجعة نهاية الأسبوع الماضي، عادت أسماء رافقته ونافسته خلال مسيرته الأسطورية للظهور في وسائل الإعلام العالمية، مثل حارس مرمى إنجلترا بيتر شيلتون الذي تحدث عن انتظاره لاعتذار مارادونا منذ عام 1986 على ذلك الهدف الذي سجله باليد، بالإضافة إلى جزار بلباو أندوني جويكوتشيا الذي تسبب في رحيل البيبي دي أورو عن الدوري الإسباني وبرشلونة أواسط ثمانينيات القرن الماضي بسبب خشونته المفرطة.

ولمدافع أثلتيك بلباو ومنتخب اسبانيا الأسبق أندوني جويكوتشيا قصص مثيرة للاهتمام مع الراحل، وآخر تلك القصص التصريح الذي أدلى به بعد الوفاة بحوالي 24 ساعة.

جويكوتشيا كان يناضل ويكافح دائمًا لحماية عرين فريقه من غزوات نجوم أمثال مارادونا طيلة فترة الثمانينيات، وسبب للبعض منهم إصابات فادحة كادت تُنهي مسيرتهم، وبالطبع كان مارادونا أحد أبرز ضحاياه.

وكما ناضل جويكوتشيا في عصر مارادونا الذهبي داخل المستطيل الأخضر وكرهه محبي الفتى الذهبي، ناضل بطريقة أخرى خارج الملعب أمام جمهور كرة القدم العالمية بالتعبير عن حزنه العميق فور سماع خبر الوفاة في اليوم التالي ليوم الاربعاء 25 نوفمبر 2020 -اليوم الذي لن ينساه عشاق المستديرة أبدًا-.

كتب جويكوتشيا عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي: اكتشفت للتو وفاة مارادونا، هذا الخبر أحزنني للغاية، لقد كان مارادونا لاعبًا عبقريًا، لقد ولد كي يلعب كرة القدم، ارقد بسلام يا دييجو.

وكان جزار بلباو قد وقع بينه وبين مارادونا حادثة عنيفة في عام 1983، عندما تسبب في إصابته أثناء مباراة بين أثلتيك بلباو وبرشلونة، وفي العام التالي وقع شجار عنيف بين مارادونا ولاعبي بلباو أدى إلى رحيله عن الليجا بقرار ملكي.

منذ ذلك الحين، حصل جويكوتشيا على لقب جزار بلباو بسبب تدخلاته المؤذية على مارادونا، والذي كان أساس المشاجرة الضخمة التي حدثت في نهائي كأس ملك اسبانيا عام 1984 على أرضية ملعب سانتياجو برنابيو..فما الذي حدث بالضبط؟

من هو أندوني جويكوتشيا؟

أندوني جويكوتشيا، هو لاعب كرة قدم إسباني، ولد في 23 مايو 1956 في بلدية ألونسوتيجي في إقليم الباسك، شمال إسبانيا. اشتهر خلال مسيرته بأسلوب لعبه العدواني، وكان يطلق عليه جزار بلباو, ومثل منتخب الماتدور الاسباني في كأس العالم مرة واحدة وبطولة أوروبية واحدة.

انضم جويكوتشيا إلى أثلتيك بيلباو في عام 1973. بعد أن بدأ في الفريق الرديف، وسرعان ما تم تصعيده إلى الفريق الأول، وكان لاعبًا بارزًا إلى جانب خوسيه رامون جاليجو وخوسيه نونيز ومانويل سارابيا والحارس الأسطوري أندوني زوبيزاريتا في صفوف فريق أتلتيك بيلباو الناجح خلال الثمانينيات والذي كان يدربه خافيير كليمنتي.

وجدد النادي الباسكي في موسم 1983/84 فوزه بلقب الدوري الإسباني، محققًا ثنائية (الدوري وكأس الملك) في ذلك الموسم.

أبطلت تدخلات جويكوتشيا القوية تهديد الهجمات من على مرمى أتلتيك بيلباو، وأخافت الكثير من الخصوم، ولكن تدخله الأشهر كان ضد مارادونا في عام 1983، عندما أصيب النجم الأرجنتيني الذي كان يلعب لبرشلونة آنذاك.

ذبح شوستر..ومزق كاحل مارادونا

جويكوتشيا كانت له سابقة مع برشلونة فقبل تمزيق كاحل مارادونا في سبتمبر 1983، تسبب في اتلاف ركبة لاعب الوسط الموهوب آنذاك، والملقب بـ المايسترو الألماني، بيرند شوستر، في حادثة لا تُنسى عام 1981.

وفي يوم 24 سبتمبر عام 1983، تحصل جويكوتشيا على سمعة مخيفة بالفعل في جميع الأوساط الرياضية وصار في نظر الكثيرين لاعب متوحش لا يمكن التعامل معه إلا بالمثل.

وعندما كان برشلونة يواجه أتلتيك بلباو الذي كان مرشحًا لحصد لقب الدوري الإسباني، وكانت النتيجة تشير إلي تقدم برشلونة بأربعة أهداف نظيفة، بعد أن استطاع مارادونا أن يصنع هدفين، وهذا ما لم يعجب جزار بلباو بطبيعة الحال.

وفي إحدى الكرات بينما يستلم مارادونا الكرة ليبدأ هجمة جديدة لصالح برشلونة، اندفع جويكوتشيا نحو مارادونا وقام بعرقلته بوحشية من الخلف، تاركًا الفتى الذهبي للبرسا يصرخ من الألم على أرض الملعب بعد أن تمزقت أربطة كاحله، قبل أن يخرج من أرضية الملعب محمولًا على نقالة.

احتاج مارادونا حينها إلى ادخال مسمارًا في كاحله كي يحافظ عليه ويساهم في التئامه، لكن تلك العملية تسبب في غيابه عن الملاعب لمدة ثلاثة أشهر كاملة بداعي الإصابة، وعاش النجم الأرجنتيني كابوسًا حقيقيًا بعد أن كادت هذه العرقلة تسبب في إنهاء مسيرته مُبكرًا.

كيف طرد مارادونا من الليجا؟

لم ينس مارادونا تدخل جويكوتشيا عليه، الذي كان سببًا في شعوره بالتعاسة للابتعاد عن محبوبته، كرة القدم، لمدة ثلاثة أشهر.

وحظى دييجو بفرصة للانتقال حينما تواجه برشلونة مع بيلباو بمقابلة شرسة أخرى لاحقًا في الخامس من مايو عام 1984 لحساب نهائي كأس ملك إسبانيا بملعب النادي الملكي ريال مدريد سانتياجو برنابيو.

تعهد مارادونا بالتعامل بوحشية مع جويكوتشيا بل ومع كل مَن يواجهه من لاعبي بلباو، وخلال المباراة تدخل المدافع الإسباني العملاق مجددًا بعنف على قدم دييجو، وتلقى النجم الأرجنتيني استفزازات عديدة من جماهير بلباو وصافرات استهجان لم تنته طوال اللقاء.

انفجر مارادونا في وجه لاعبي أثلتيك بلباو، واعتدى على ميجيل سولا الذي كان أقرب اللاعبين إليه، قبل الدخول في مشادة مع لاعبين آخرين، وانتقل للثأر من جويكوتشيا بتوجيه ضربة قوية بالقدم في صدره (كما تشاهدون في الفيديو)، والتف لاعبو برشلونة حول مارادونا لمساعدته في هذا الشجار العنيف، لتتحول أرضية ملعب سانتياجو برنابيو إلى حرب شعواء بين لاعبي الفريقين.

كل ذلك كان تحت أنظار ملك أسبانيا آنذاك، خوان كارلوس، والذي كان حاضرًا في المباراة النهائية، ومعه 100 ألف متفرج، وبينما كان ملايين يشاهدون المواجهة خلف شاشات التلفاز، بدأ عشرات من الجماهير في إلقاء زجاجات وأجزاء من المقاعد على أرض الملعب، مما تسبب في إصابة ما يقرب من 60 شخصًا.

وقال المدير التنفيذي لنادي برشلونة عقب هذه المباراة: عندما رأيت تلك المشاهد والتي تسبب فيها مارادونا، والفوضى التي أعقبت مشاجرته مع لاعبي بلباو، أدركت أننا لن نستطيع أن نستمر سويًا.

نعم، بات وجود مارادونا في الدوري الإسباني بعد هذه الواقعة الشهيرة مستحيلاً، حيث جاءت توصيات من داخل القصر الملكي إلى إدارة نادي برشلونة بضرورة التخلص من النجم الأرجنتيني.

وبالفعل قرر رئيس النادي الكتالوني آنذاك جوزيب لويس نونيز -أنجح رئيس في تاريخ برشلونة- بيع مارادونا بعد هذه المباراة التي كانت الأخيرة له بقميص البلوجرانا، لينتقل إلى ناد لا يختلف كثيرًا عن برشلونة في العقلية الانفصالية، لكنه أقل بمراحل من ناحية الشعبية والشهرة العالمية، حيث لا يمتلك في سجله أي بطولة دوري إيطالي.

وقع مارادونا لنادي نابولي الإيطالي بعد نهاية ذلك الموسم في صفقة تاريخية جديدة أعادته إلى صدارة الصفقات القياسية في تاريخ اللعبة حينذاك، بعدما دفع نادي الجنوب الإيطالي حوالي 8 مليون يورو لاتمام الصفقة..وباقي الحكاية أنتم تعرفونها..

وحاول جزار بلباو رفع أغصان السلام في وجه مارادونا عندما عاد فيما بعد إلى الدوري الإسباني من بوابة إشبيلية الأندلسي، ليحدث الصلح أخيرًا بموسم 1993/1992.

مقالات ذات صلة