أخبار كأس العالماصاباتتقارير صحفيةكرة القدم الإفريقية

منتخب تونس يواجه العديد من المخاطر بعد تفاقم المشكلات المحلية

أيام قليلة تفصل الأندية التّونسية عن بداية موسمٍ كروي جديد، يهدد انطلاقته التّأجيل خاصة بعد أزمة إعلان الاتحاد التّونسي للعبة إنزال فريق “الهلال” بمدينة الشّابة (شرق)، من دوري المحترفين إلى الهواة.

الأزمة التي أشعلت احتجاجات بولاية المهدية (وسط شرق) ردًا على قرار الاتحاد المحلي الذي أكدّ عدم استكمال فريق الهلال الرياضي بالشّابة لوثائق انخراطه للموسم الجديد، فيما يرى مسؤولو الفريق أن ناديهم عوقب بسبب انتقاداته للاتحاد ورئيسه وديع الجريء.
وفي 29 أكتوبر الأول الماضي، أعلن الاتحاد التونسي لكرة القدم، تأجيل انطلاق الموسم الجديد من دوري الكرة إلى 21 نوفمبر الثاني الجاري، بدلًا من 7 من الشهر ذاته، بسبب إجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا.

وأزمة فريق الهلال تعد وجها من أوجه إشكاليات عديدة تعيشها الكرة التّونسية في السّنوات الأخيرة، منها غياب الدّعم المالي، والبنية التحتية المهترئة، إضافة لغياب الجمهور، وقلّة المواهب، لم يتم ايجاد حلول لها حتى اليوم.

الإشكاليات التي تواجهها اللّعبة الشّعبية الأولى في البلاد، مُركبةٌ رغم تأكيد المسؤولين بالاتحاد التّونسي لكرة القدم مرارًا على أن ما أنجزه الاتحاد بالأرقام والإحصائيات الأفضل في تاريخ اللّعبة.

-أرقام غير كافية –

ويستشهد رئيس الاتحاد التونسي للكرة وديع الجريء، في كل مناسبة بالترتيب العالمي للمنتخب التّونسي (26 عالميًا)، وحضوره المنتظم في كأس أمم أفريقيا (حلَّ رابعًا بنسختها الأخيرة بمصر)، والعودة للمشاركة في المونديال بعد غياب 12 عامًا (روسيا 2018).

إضافة إلى أن الاتحاد في عهد الجريء، حقق مداخيل مالية عبر عقود الاشهار لم يحققها سابقوه، فضلًا عن الحضور المنتظم للأندية التونسية كمنافسين جديين بمسابقتي دوري أبطال أفريقيا وكأس الاتحاد الأفريقي.

هذه الإنجازات لا ينكرها أي من التّونسيين، لكن المشاكل الحقيقية للكرة تتعلق بشكل خاص بالبنية التحتية التي تقادمت دون أن يتم تجديدها.

إذ تتواصل أعمال الإصلاح بملعبي “أولمبيْ سوسة” (شرق) و”15 أكتوبر” ببنزرت (شمال) وإغلاق لملعبيْ “أولمبي المنزه” و”الشاذلي زويتن” بالعاصمة، إضافة لغياب الجماهير المتواصل بقرار من اتحاد كرة القدم بسبب تقادم حالة الملاعب، والعنف وأعمال الشّغب.

ورأى شهير الكافي، الإعلامي بالإذاعة الرسمية، أن “الكرة التّونسية رغم ما تحققه الأندية والمنتخب من نتائج إيجابية إلا أن ذلك لا ينفي المشاكل الدّاخلية صلب الأندية أنفسها، والمتمثلة بغياب الدّعم المادي المنتظم والأنتداب العشوائي للاعبين أجانب يتكلفون الكثير على ميزانيات الأندية وغياب القوانين التي تحدد سقف الأجور أو مراقبة العقود المالية”.

وقال الكافي، إن “المشكلة تتعلق أساسًا بسلطة الإشراف حيث تغيب الاستمرارية بالنسبة لوزارة الشباب والرياضة ولا تتمكن من تفعيل استراتيجيات تُخرج الأندية من نفق الدّيون وغياب الدّعم، والأمر أيضًا يرتبط برؤساء الأندية أنفسهم الذين لا يملك أغلبهم دراية بالقانون الرّياضي ما يزيد في مشاكل فرقهم”.

وأضاف: “من غير المعقول أن ينتخب عشرات الأشخاص فقط، رئيسًا لنادٍ معين يناصره الألاف والملايين ربما من المحبين، يجب أن تتغير طريقة الانتخاب ويقبل الجمهور أكثر على الانخراط في أنديتهم ليحددوا المسؤولين ويحاسبوهم لاحقا على برامجهم”.

-ثقافة الرقابة والمشاركة-

من جانبه، رأى أستاذ القانون الرّياضي ماهر الصّمعي، في حديث للأناضول، أن “اتحاد الكرة تفرد بكل الصّلاحيات في تعديل القوانين (التّراتيب التنظيمية والعقوبات)، وهو أمر يجب أن يتم مراجعته في الجلسات العامة المقبلة لتكون الفرق شريكًا في اتخاذ القرار والرقابة وتقديم مقترحات التطوير”.

وقال الصمعي، إن “إصلاح الكرة محليًا من المفترض أن يبدأ من الأندية التي يجب أن يكون رؤساؤها على دراية بالقوانين الرياضية، وأن لا يتركوا باب التعديل والتّوجيه من اختصاص اتحاد كرة القدم”.

ومن ناحية أخرى، اعتبر أن “إصلاح الكرة التونسية يجب أن يبدأ أيضًا من تغيير الجماهير تفكيرها وإدراكها أنها فاعلة في تحديد مسؤولي فرقهم، ليكون لهم دور فعال في الرّقابة عليها”.

-الاستثمار في أندية كرة القدم-

اعتبرت الإعلامية الرياضية بإذاعة “شمس آف آم” (خاصة) وجدان زقروبة، أن “أغلب ما تمر به الكرة التونسية من أزمات يتعلق بتقادم البنية التّحتية، وغياب الدعم المادي وتراجع المواهب”.

وذكرت زقروبة، في حديثها، أن “هذه الأزمات يمكن معالجتها إذا وجدت الإرادة السّياسية في تعديل القوانين الخاصة بالهياكل الرّياضية (الفرق)”.

وأشارت إلى أن فتح الباب أمام مستثمرين من خارج البلاد للاستثمار بالأندية، سيعطي الكثير من الحلول ويخرج الأندية من أزماتها المالية.

وفيما يتعلق بالمشاكل الحالية بين الاتحاد وبعض الأندية على غرار “هلال الشابة”، فـ”يمكن حلّها فقط بالنّقاش لا بالتّصعيد من الجهتين”، وفق الإعلامية زقروبة.

– الأزمات سببا للتغيير-

في السياق ذاته، يعتقد العضو السّابق بالمكتب الجامعي بالجامعة التونسية لكرة القدم، بلال الفضيلي، أن “ما تعيشه الكرة التّونسية رغم اختلاف الآراء يمكن أن يكون سببًا للتغيير وإيجاد
حلول للوضع”. وقال الفضيلي، إنه “منذ الثورة 2011، وحتى اليوم باتت المطلبية المالية للأندية ورفض الخسارة مُميزًا سلبيًا للكرة، وتسبب ذلك في نقص التّمويل المطلوب وتراجع العناية بالتكوين في أصناف الشّبان وتطوير الملاعب ما أفرز غياب ظهور لاعبين متميزين وتصدير محترفين للأندية الأوربية من الصّف الأول”.

وأَضاف: “أعتقد أن على اتحاد كرة القدم والأندية التوجيه لتعديل قوانينها لفتح الباب أمام مستثمرين سيتجهون غالبًا للأندية الكبرى، وحينها على الدّولة رعاية بقية الفرق ومنح أندية الجهات (الولايات) تركيزًا أكبر كفريق جهتي أولمبيك الكاف (شمال غرب)، وتخصيص التّمويل لتجديد وتطوير الملاعب ما سيساهم في تحسن مستوى الأندية والمنتخب لاحقًا”.

مقالات ذات صلة