حياة النجوم

ساديو ماني..من الفقر إلى الثراء، سر “الزنباع” وقصة مستشفى بامبالي

من بين جميع القصص الرائعة في فيلم وثائقي جديد عن حياة النجم السنغالي “ساديو ماني“، هناك قصة بارزة عن ذكريات طفولته الصعبة تحكي استخدامه لـ “الزنباع” من أجل ممارسة كرة القدم في الصغر.

والزنباع فاكهة تشبه الليمون ويطلق عليه الليمون الهندي، ويعتبرها ماني سر من أسرار نجاحه ووصوله فيما بعد إلى ليفربول، حيث ساعدته من الناحية الجسمانية والبدنية عندما كان يلعب بها مع باقي أبناء قريته النائية “بامبالي”.

وبلغ ماني قمة المجد الكروي في 2019 عندما تُوج بلقب دوري أبطال أوروبا قبل أن يقود بلاده لاحتلال المركز الثاني في كأس أمم أفريقيا، ولا يزال على مقربة من قيادة ليفربول إلى أول لقب لـ الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 30 عامًا، إذا تم استئناف الموسم بعد تراجع إصابات ووفيات فيروس كورونا.

ساديو ماني..من الفقر إلى الثراء

حمل الفيلم الوثائقي الخاص بساديو ماني عنوان “صنع في السنغال”، وسرد خلاله اللاعب صاحب الـ 27 عامًا قصته من الألف إلى الياء أو بمعنى أدق من “الفقر إلى الثراء”.

شمل الفيلم مقابلات مع مدرب ليفربول “يورجن كلوب” والعديد من زملائه في ليفربول، بما في ذلك النجم المصري “محمد صلاح” والمدافع الهولندي “فيرجيل فان دايك“. ومع ذلك، فإن تذكر قصة ماني في اليوم الذي توفي فيه والده، هو بلا شك أكثر اللحظات المؤثرة.

يقول ماني في بداية هذا الفيلم: “كنت في السابعة من عمري. كنا على وشك بدء اللعب عندما اقترب مني ابن عمي وقال: ساديو، والدك مات”. فأجبته: “أوه حقًا؟ إنه يمزح…”لم أستطع فهم ذلك حقًا”.

قال ماني لصحيفة الجارديان البريطانية “قبل وفاة والدي، كان يعاني من هذا النوع من المرض لأسابيع. جلبنا له بعض الأدوية التقليدية وحافظت على هدوءه لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر. عاد المرض ولكن هذه المرة لم يعمل الدواء لأنه لم يكن هناك مستشفى في بامبالي، كان عليهم أن يأخذوه إلى القرية المجاورة لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إنقاذ حياته أم لا. لكن لم يسر الأمر كذلك”.

ويضيف “عندما كنت صغيرًا ، كان يقول والدي دائمًا كم كان فخورًا بي. كان رجلاً ذا قلب كبير. عندما مات، كان له أثر كبير عليّ وعلى بقية أفراد عائلتي. قلت لنفسي: عليّ الآن أن أبذل قصارى جهدي لمساعدة أمي. هذا أمر صعب التعامل معه عندما تكون صغيرًا جدًا”.

بعد 20 عامًا

ساديو ماني..من الفقر إلى الثراء - ساديو ماني مهاجم نادي ليفربول ومنتخب السنغال (صور: Getty)
ساديو ماني مهاجم نادي ليفربول ومنتخب السنغال (صور: Getty)

بعد 20 عامًا من وفاة والد ساديو، من المقرر أن تُفتتح مستشفى ممول فقط من قبل نجم منتخب السنغال في غضون ستة أشهر بالإضافة إلى المدرسة التي بناها في قريته العام الماضي، حيث قال “إن الظروف المحيطة بوفاة والدي هي السبب الرئيسي لكل ما قدمته”.

وزاد “أتذكر أن شقيقتي ولدت في المنزل أيضًا لأنه لا يوجد مستشفى في قريتنا. لقد كان وضعًا محزنًا حقًا للجميع. كنت أرغب في بناء واحدة لأعطي للناس الأمل”.

وكشف ساديو ماني أن والده كان إمامًا لمسجد، وكانت العائلة تتجمع كل عام في ذكرى وفاته لتلاوة القرآن. وبعد أن فشل في إقناع عائلته للسماح له بالتخلي عن تعليمه حتى يتمكن من متابعة طموحه في أن يصبح لاعب كرة قدم محترف، هرب ماني من المنزل في سن 15 عامًا بمساعدة صديق الطفولة “لوك جيبون”.

وعن ذلك التصرف المثير، قال ماني “كان الأمر صعبًا فلم يكن لدي أي شخص ورائي يدفعني لتحقيق حلمي، لكنني لم أتوقف أبداً عن الحلم. لقد كان من الشجاعة حقًا أن أترك عائلتي في القرية وأذهب إلى داكار (عاصمة السنغال) لكنني كنت أعلم أنه يمكنني أن أكون ناجحًا”.

وواصل “بعد ذلك، بدأت عائلتي تأخذ الأمر على محمل الجد وعرفت أنني لا أريد أن أفعل أي شيء آخر. كانوا يعلمون أنه ليس لديهم خيارًا، لذلك قاموا بمساعدتي في نهاية المطاف”.

جينيراسون فوت وقبعة البيسبول

في أكاديمية جينيراسون فوت Generation Foot (قدم الجيل) بالعاصمة السنغالية داكار، بدأت رحلة ماني إلى النجومية حقًا بعد أن سجل أربعة أهداف خلال مباراة تجريبية.

يقول ماني في الفيلم “أعتقد أنهم أُعجبوا بي”. وتحت أعين مؤسس الأكاديمية، مادي توري، الذي يصفه ماني بأنه “كان بالنسبة لي مثل أبي”، اختطفه نادي ميتز الفرنسي في بداية عام 2011، ثُمَّ انتقل إلى الفريق النمساوي ريد بول سالزبورج بعد 18 شهرًا من لعبه دور رئيسي في تأهل السنغال إلى ربع نهائي دورة الالعاب الاولمبية 2012.

يتذكر كلوب إهدار فرصة ضمه عندما كان مدربًا لبوروسيا دورتموند في 2014 بعد أن حكم عليه على أساس طريقة ارتدائه لملابسه؛ كان يرتدي قبعة بيسبول.

قال ماني عن هذه الواقعة ضاحكًا: “قال عني (كلوب) إنني مثل مغني الراب!. ولكن أعتقد أنني بذلت قصارى جهدي، فماذا يمكنني أن أقول؟ هذا جزء من الحياة، أنت لا تعرف أبدًا كيف ستنسجم مع الناس. ولكن أعتقد أنه كان مخطئا بالتأكيد. كانت تجربة بالنسبة لي أيضًا. كنت أعلم أنني يجب أن أظهر له المزيد حتى التقينا مرة أخرى”.

أخبار ليفربول: ماني يختار الأفضل في الدوري الإنجليزي ، ويوضح حقيقة عرض اليونايتد لضمه
ماني رفقة صلاح وهندرسون (صورة: Getty)

حصل كلوب في النهاية على رجله في عام 2016 بعد أن سجل ماني أربعة أهداف في ثلاث مباريات ضد ليفربول لصالح فريقه السابق “ساوثهامبتون”.

يقول ماني عن كلوب “ما يجعله مميزًا هو أنه لم يتوقف أبدًا عن الإيمان. في الاجتماع قبل مباراة العودة (الشهيرة) بالانفيلد أمام برشلونة، كان مقتنعًا حقًا بأنه يمكننا القيام بذلك (تحويل الخسارة 3-0 إلى فوز 4-0). على الرغم من أننا فقدنا اثنين من أفضل اللاعبين في العالم [صلاح وفيرمينو]. لقد دفع الأولاد بقوة لإعطاء كل شيء ممكن وحاول أن يزيل الضغط عنا”.

العودة إلى بامبالي

احتفالات غرفة تبديل الملابس بعد فوز ليفربول على توتنهام في مدريد تجعل المشاهدة ممتعة ولكن لا شيء مقارنة بالاستقبال الذي تلقاه ماني عند عودته إلى بامبالي. يتجول في القرية محاط بمشجعين مبتهجين.

يتألق بسلوكه البهيج وبشكل طبيعي ومتواضع أثناء مشاهد الفيلم الوثائقي، خاصة عندما يخاطب مجموعة من الشباب خارج المدرسة الجديدة ويخبرهم أن التعليم هو المفتاح. يقول: “المدرسة تأتي أولاً. يجب أن تكون بصحة جيدة قبل أن تذهب إلى العمل، لذلك دعونا ننهي (بناء) المستشفى”.

يقول ماني، الذي ساهم أيضًا بمبلغ 40 ألف جنيه استرليني للمساعدة في الوقاية من فيروس كورونا المستجد: “عندما ترى هذا النوع من الأشخاص وهذه الحشود أمام المنزل، تُفكر: “واو، يجب أن أعمل بجد أكبر من أجلهم”.

وطالب ماني في نهاية هذا الفيديو بأهمية العلم على اللعب، قائلاً “ربما لو كانت هناك مدرسة أفضل عندما كنت أصغر سناً لربما كنت سأدرس أكثر. لكن الأمر لم يكن كذلك في القرية. لذا يريد جميع الأولاد أن يلعبوا كرة القدم ولم يعد أحد يرغب في الذهاب إلى المدرسة”.

وختم حديثه “إنهم يريدون فقط أن يصبحوا لاعبي كرة قدم مثلي. لكنني أقول لهم دائمًا: يجب أن تكونوا متعلمين جيدًا وأن تذهبوا إلى المدرسة. بالطبع يمكنك الاستمرار في لعب كرة القدم أيضًا، فلم يعد الأمر الآن كما كنت صغيرًا، كان صعبًا للغاية في ذلك الوقت”.

اقرأ أيضاً

مقالات ذات صلة