اقتصادانتقالات المدربينانتقالات الميركاتو الصيفيتقارير صحفيةسوق الانتقالاتكرة القدم الأوروبيةكرة القدم الإفريقيةكرة القدم اللاتينية

تقرير | الدوري الإنجليزي والعودة إلى ما قبل 92 بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي!

أخفقت الحكومة البريطانية في التوصل لحل مع الاتحاد الأوروبي “بريكست” بشأن الانفصال عنه منذ بداية العام الجاري، ما يضع مستقبل عدد من المؤسسات الربحية تحت رحمة هذا القرار، ومن بينها الدوري الإنجليزي الذي يوجه خسائر مالية فادحة بسبب تلك السياسة قد تصل لحد فقدان موقعه كأغلى وأغنى دوري في العالم.

وتُهيمن حالة من الشك والقلق على جميع المؤسسات والشركات البريطانية لعدم توقعهم لنتائج ما سيحدث بعد انفصال البلاد عن بريكست.

وبذل الدوري الإنجليزي الممتاز مع أكبر أنديته مجهودًا خارقًا على مدار الـ 10 سنوات الماضية من أجل الوصول إلى اللحظة الراهنة، بتأهل 6 أندية إلى مراحل متقدمة في المنافسات القارية، من بينهم 4 أندية في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ عام 2008، هم مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتوتنهام وليفربول.

لكن البريميرليج وجد نفسه ضمن دائرة الشكوك خاصةً وأن جزءًا كبيرًا من نجاحه يستند على كون أنديته تضم خليطًا منوعًا من اللاعبين والمدربين ورجال الأعمال والوكلاء الأجانب.

وفي الوقت الذي بدأت فيه توقعات عن حجم الخسائر مع اقتراب موعد تنفيذ الانفصال يوم 29 مارس، حصلت رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» على تأجيل أوروبي مدته ثلاثة أسابيع، بهدف نيل موافقة مجلس العموم على اتفاق أو العثور على بديل لهذا الانفصال

توتنهام ومانشستر يونايتد

منذ الاستفتاء الذي أقامته المملكة المتحدة عام 2016 وانتهى بنتيجة إيجابية لصالح مؤيدي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، تراجعت قيمة الجنيه الاسترليني أمام العملات الأجنبية ومنها اليورو، وبدأ تأثر أندية مثل توتنهام ومانشستر يونايتد بشكل واضح.

ترتب على القرار ارتفاع في قيمة بدلات الانتقالات التي تدفعها الأندية الإنجليزية لمنافسيها الأوروبيين، واعتبر مدرب فريق توتنهام الأرجنتيني “ماوريسيو بوتشيتينو” أن تراجع الجنيه في السوق أمام العملات الأخرى، كان من الأسباب التي دفعت توتنهام نحو تفويت الميركاتو الصيفي 2018 والميركاتو الشتوي 2019 دون إبرام صفقات جديدة.

وقالت مؤسسة ديلويت المختصة في التدقيق المالي “تراجع قيمة الجنيه الإسترليني كان من العوامل التي أفقدت نادي مانشستر يونايتد مركز الصدارة بين الأندية الغنية حول العالم، وأدت إلى تراجعه خلف العملاقين الإسبانيين برشلونة وريال مدريد”.

دوري بريطانيا

قبل عام 1992، كان الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليج) يُسمى بدوري الدرجة الأولى، وكانت معظم أنديته تضم لاعبين من داخل بريطانيا، باستثناء حالة واحدة في توتنهام خلال السبعينات حين انضم الأرجنتيني أوزفالدو آرديليس لصفوفه.

لكن بعد تأسيس الاتحاد الأوروبي وانضمام أندية بريطانية إلى البورصة، تغير اسم الدوري الإنجليزي، وبدأت الأندية تضم لاعبين أجانب، فماذا سيحدث عندما تنفصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي؟ هل سيعود الدوري الإنجليزي إلى ما كان عليه في مرحلة ما قبل البريميرليج 92؟ هذا هو أهم سؤال يشغل الشارع الرياضي في إنجلترا هذه الأيام.

في عام 2016، قال الرئيس السابق لرابطة الأندية الإنجليزية المحترفة «ريتشارد سكودامور» أنه يدعم بقاء المملكة المتحدة ضمن دول الاتحاد الأوروبي، مشددًا على أن مغادرة المنظومة القارية لا يتلاءم مع إلتزام الدوري الإنجليزي الممتاز “البريميرليج” بالانفتاح الذي سعى له منذ عام 1990.

ويعود جزء كبير من جاذبية الدوري الإنجليزي الممتاز حول العالم إلى قدرته الكبيرة على ضم مواهب من كل القارات، لكن إذا وُضع حد لحرية تنقل المواهب الأوروبية وغير الأوروبية من الشباب سيضعف الإقبال على البريميرليج وسيُعيد بالتالي هيمنة الدوريين الإيطالي والإسباني وربما يُدخل الدوري الألماني أو الفرنسي للحسبة.

ويصف الأستاذ المتخصص في شؤون الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية (سايمون شادويك) الدوري الإنجليزي الممتاز بأمثل مسابقة حاضنة لكوكبة من أبرز العلامات التجارية”.

وقال “أي خطوات تقلص من تدفق المواهب الأجنبية إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، قد تؤدي في نهاية المطاف الى خفض موقع المسابقة في السوق الرياضي، وبالتالي الإضرار بأفضليته التنافسية في أوروبا”.

قيود

الانفصال عن الاتحاد الأوروبي سيضع العديد من اللاعبين الحاملين لجوازات سفر أوروبية ممن يمثلون منتخبات أفريقية أو أميركية جنوبية، أمام قيود وشروط أصعب من الشروط السابقة من أجل الحصول على تأشيرة عمل لدخول بريطانيا.

ويمنح اللاعبون الذين لا يحملون جواز سفر دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي، في الوقت الحالي، تأشيرة عمل بعدما يتم الأخذ في الاعتبار عوامل عدة منها عدد المباريات الدولية وبدل الانتقال والأجر المقترح وغيرها من أمور تعاقدية.

وفي حين أن هذه الشروط قد لا تؤثر بشكل كبير على ضم اللاعبين المعروفين في سوق الانتقالات، لكنها قد تعيق بشكل كبير استقطاب مواهب جديدة لم تحظِ بعد بفرصة البروز.

ويرى خبراء الاقتصاد الرياضي أن تلك الشروط كانت لتحول دون قدرة نادي ليستر سيتي على ضمان تأشيرة عمل للفرنسي نجولو كانتي لاعب تشلسي الحالي، والجزائري رياض محرز لاعب مانشستر سيتي الحالي، لسابق انتقالهما للفريق قبل تمثيل منتخبات بلادهما.

ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تحقيقًا مطولاً عن ما مجموعه (332 لاعبًا من خارج أوروبا) ينشطون داخل دوريات إنجلترا واسكتلندا، لم يكونوا لينالوا تأشيرة العمل في بريطانيا لأنهم لا يتمتعون بالمعايير المطلوبة لتلك التأشيرة.

وتواجه أندية البريميرليج احتمال حرمانها من فرصة التعاقد مع اللاعبين الأوروبيين الأقل من 18 عامًا في حال خروج بريطانيا من المنطقة الاقتصادية الأوروبية، وهو المرجح بموجب بريكست.

ويمنع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) انتقال اللاعبين ما دون الـ18 من عمرهم من دولة الى أخرى باستثناء الانتقالات التي تتم بين دول الاتحاد الأوروبي.

وسمح هذا الاستثناء على سبيل المثال للاعبين مثل الإسباني «سيسك فابريجاس» بالإضافة إلى الفرنسي «بول بوجبا»، وهما في السادسة عشرة من العمر فقط.

الميزة الوحيدة

رغم كل ما ذُكر، برزت ميزة وحيدة بالنسبة إلى كرة القدم الإنجليزية في حال فرض قيود على انضمام المواهب الأجنبية للأندية، فهذا سيفتح الباب أمام تنمية المواهب المحلية وتعزيز الإقبال عليهم من السابق.

ويشكل اللاعب الإنجليزي حاليًا ما نسبته نحو 30٪ من اللاعبين الذين يعتبرون نجومًا في الدوري الإنجليزي الممتاز، غير أن مسؤولي المسابقة يحذرون من الافراط في التفاؤل حيال هذه النقطة وتأثيرها الإيجابي المفترض على منتخبات إنجلترا.

ويعتبرون أن الحد من قدوم المواهب الأجنبية سيؤدي الى خوض اللاعبين الإنجليز منافسات أضعف على الصعيد المحلي، ولهذا اعتبرت الرابطة في شهر نوفمبر 2018 أن لا دليل على أن منح حصة أكبر لتواجد اللاعب الإنجليزي في الأندية الكبرى سيزيد من قوة المنتخب الإنجليزي الأول في منافسات اليورو وكأس العالم خلال السنوات القادمة.

ضربة موجعة

يعتمد البريميرليج في أرباحه على البث التلفزي بشكل واضح، ورغم العائدات المالية الضخمة التي توفرها العقود الخارجية، يرتبط نجاح المسابقة بشكل كبير بالأداء الاقتصادي للمملكة المتحدة.

ويخشى مسؤولو رابطة الدوري أن عقود البث التلفزيوني على المستوى المحلي قد بلغت ذروتها لجهة الإيرادات المالية، والدليل على ذلك أن الشبكات التلفزيونية تدفع مبالغ أقل لنقل المباريات في الفترة الممتدة بين 2019 و2022، مما كان الحال عليه في الأعوام الثلاثة السابقة.

وأعربت الأندية عن قلقها من الانعكاس السلبي المتوقع لاتفاقية بريكست على المستهلكين البريطانيين، ما قد يؤثر على عائدات التذاكر والهدايا التذكارية بالسلب.

مقالات ذات صلة