اقتصادتقارير صحفية

تقرير | طي صفحة من الهرج والمرج عنوانها “تركي آل الشيخ”

طوى أمر ملكي من العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود الخميس» حقبة المستشار “تركي آل الشيخ” الذي تربع على عرش مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة خلال عامي 2017 و2018.

القرار جاء في إطار سلسلة من التغييرات الحكومية بالمملكة العربية السعودية، وكان من بينها تحويل مالك نادي بيراميدز المصري تركي آل الشيخ المعروف بتأليف الأغاني للمشاهير إلى رئاسة الهيئة العامة للترفيه في البلاد، وتعيين الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل خلفا له في الهيئة العامة للرياضة.

الحكومة السعودية قررت أخيرًا طي صفحة مكتظة عن بكرة أبيها بالهرج والمرج والعبث بالعلاقات التاريخية بينها وبين دول الجوار.

كانت صفحة قصيرة لكنها حافلة تولاها أحد الرجال المقربين إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتمتع خلالها بسلطة مطلقة داخل المملكة ونفوذ متنامٍ خارجها أثر بالسلب على علاقة المملكة بالشعبين المصري والمغربي تحديدًا.

اعفاء

وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) كانت أول مَن نشر بيان الاعفاء، الذي جاء مضمونه كالتالي: “يعفى معالي الأستاذ تركي بن عبد المحسن آل الشيخ من رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، ويعين صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود رئيسًا للهيئة العامة للرياضة بمرتبة وزير”.

بعد ساعات من إعلان تعيين آل الشيخ (37 عامًا)، المستشار في الديوان الملكي، رئيسا لهيئة الترفيه، أشارت اللجنة الأولمبية السعودية عبر “تويتر” إلى أنه استقال من منصبه رئيسًا لها.

وتلت تلك الخطوة اعلان الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي استقالة “تركي آل الشيخ” من رئاسته كذلك، بينما لم يصدر اعلان حتى وقت متأخر ليل الخميس من الاتحاد العربي لكرة القدم، ومقره الرياض، والذي يرأسه آل الشيخ.

الضم

يرلم يخف آل الشيخ خلال مرحلة توليه رئاسة مجلس إدارة الهيئة، قربه من ولي العهد، وغالبا ما نشر صورا ذات طبيعة سياسية، منها صورة عبر حسابه على انستاجرام في 16 أبريل 2018، جالسًا إلى طاولة ضمت مسؤولين مثل الأمير محمد بن سلمان والعاهلين الأردني الملك عبدالله الثاني والبحريني حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وغيرهم.

وفي تعليقه على قرار إعفائه من منصب تولاه لأقل من عام ونصف عام (الهيئة العامة للرياضة)، كتب آل الشيخ عبر “تويتر” بأن ضميره مرتاح بعد كل ما قدمه في تلك الفترة القصيرة.

وقال “ضميري راض كل الرضا، لاني اجتهدت وعملت بجد واخلاص وكنت أضع امام عيني خدمة بلادي وشبابه وفق توجيهات مولاي خادم الحرمين وسيدي ولي العهد”.

وأوضح “مهما فعلت فهذا واجبي وليس فضلاً مني بل فضل بلادي عليّ وقادتها الكرام. اليوم أغادر الوسط الرياضي، عرفت فيه رجالاً ثقات يستطيعون المساهمة في دفع عجلة الرياضة، تشرفت بالعمل معهم، جئت محبًا للرياضة وأغادرها محبًا لها ولجمهورها وفعالياتها وسأظل”.

وختم “أتمنى التوفيق لأخي وصديقي الأمير عبد العزيز. إن أخطأت فصدور إخوان مثلكم تتسع لاخطائي، وإن أصبت فذلك فضل ربي ثم توجيهات قيادتنا وجهد المخلص المقصر”.

الميركاتو وبيراميدز

عيّن آل الشيخ في منصبه في شهر سبتمبر 2017 خلفاً لمحمد بن عبد الملك آل الشيخ، وأصبح سريعا أحد كبار الشخصيات الرياضية السعودية والعربية، مع سلطة مطلقة على الأندية والاتحادات المحلية، وصولاً إلى التحكم في أسعار انتقالات اللاعبين والمدربين والتكفل بعلاج إصاباتهم.

وسعى “أبو ناصر” إلى تعزيز اسمه بتوسيع خطة عمله لتشمل مصر، حيث استحوذ على ملكية النادي الأسيوطي الرياضي وبدّل اسمه الى بيراميدز وأنفق ملايين الجنيهات لاستقدام لاعبين، وتولى الرئاسة الشرفية للنادي الأهلي قبل الإطاحة به من هذا المنصب إثر خلافات مع إدارة النادي وانتقادات حادة من مشجعيه.

لكن ما طار طير وارتفع إلا وكما ارتفع وقع، تسببت تصريحاته المثيرة للجدل في مصر لتفاقم الأمور بينه وبين جماهير الأهلي، لتوجه ضده هتافات خارجة أثناء مباراة “الأهلي وحوريا كونكاري” في اقصائيات دوري أبطال أفريقيا موسم 2018، ومن هنا توترت الأجواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الشعبين المصري والسعودي، فكان أمر سحب تركي آل الشيخ من مصر أمر لا مفر منه.

مُعاداة الجميع

في أعقاب الأزمة الدبلوماسية الخليجية بإعلان الرياض وأبوظبي والمنامة، إضافة للقاهرة، قطع علاقاتهم مع قطر في يونيو 2017، وجه آل الشيخ انتقاداته لقطر عبر حسابه على “تويتر” وكان يعادي أي دولة عربية تساند قطر من قريب أو من بعيد.

ووصل الأمر به لكتابة أغنية تهكمية ضد قطر حملت عنوان “علّم قطر” التي أداها فنانون سعوديون بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الأزمة.

وتسبب الموقف السلبي لتركي آل الشيخ تجاه الملف المغربي المُقدم للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من أجل منافسة ملف الولايات المتحدة الأميركية على شرف استضافة كأس العالم 2026 في تشويهه لنفسه ومُعاداته لجميع الدول العربية، لا سيما الشمال أفريقية.

ولم يسلم رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم “الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة” من لسان تركي آل الشيخ وانتقاداته اللاذعة، كما تَعمد التصوّيت ضد المغرب لصالح الملف المشترك الأميركي الكندي المكسيكي لاستضافة مونديال 2026.

وحاول تركي تعويض كوارثه الخارجية بتعزيز حضور السعودية من خلال الرياضة، إذ استضافت المملكة سلسلة أحداث دولية آخرها السباق الافتتاحي لموسم بطولة العالم في “الفورمولا إي (الكهربائية)” منتصف ديسمبر الماضي الجاري، وكان تنظيم السباق بإشراف مباشر من الأمير عبد العزيز بن تركي.

وصدر في عهد آل الشيخ قرار السماح بدخول العائلات (بما يشمل النساء) للملاعب للمرة الأولى، ورصد جوائز لحث الجماهير على الحضور، وإرسال تسعة لاعبين سعوديين لخوض تجربة احترافية لفترة وجيزة مع أندية في الدوري الإسباني. كما استضافت المملكة منافسات في الملاكمة والشطرنج والمصارعة.

عهد جديد

يعد الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل من الرياضيين ورجال الأعمال السعوديين الشبان الذين خاضوا تجربة سابقة في عالم سباقات السيارات.

صاحب الـ 35 عامًا، نجل الأمير تركي الذي سبق له تولي مناصب بارزة تتقدمها رئاسة الاستخبارات العامة السعودية.

ووجه الأمير عبد العزيز عبر “تويتر”، شكره للملك سلمان وولي عهده، قائلاً “أشكركم على الثقة الكريمة التي حظيت بها كرئيس لمجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة وأسأل الله التوفيق والسداد”.

وأضاف “أشكر أخي معالي المستشار تركي آل الشيخ على ما قدمه من عمل متميز في المرحلة الماضية وأتمنى له كل التوفيق. سنستمر في مواصلة تقديم واستضافة كل الأحداث والفعاليات الرياضية المتنوعة بجهد وعمل وتميز زملائي مسؤولي ومندوبي الهيئة والاتحادات والأندية”.

مقالات ذات صلة