تقارير صحفية

تحليل | لعنة بويرتا في إنجلترا!

الاهمال الطبي بشتى أنواعه يؤدي إلى الكثير من المشاكل للمريض، فبسبب خطأ طبي ساذج ربما يَفقد المريض حياته أو أحد أعضائه أو صحته دون رجعة.

أتذكر أنني سمعت شخص ما يتحدث عبر إذاعة بي بي سي مع طبيب متخصص في أمراض الباطنة وأخبره عن تناوله لعقار في غير موضعه ما سبب له أزمة في الكلىى أو الكبد، ومن المؤكد انك أيضاً عزيزي القاريء تعرف أحدهم تناول وصفة متسرعة مبنية على تشخيص خاطيء من أحد الأطباء ما أدى للتأثير على أحد أعضاء المريض أو مثلاً التعرض لحادث سير وحين جاء المسعفون حملوا ضحيتهم بطريقة خاطئة ليتسببوا في كسر مضاعف في الساق أو الكتف أو الظهر إلخ … وهذه أمور نراها والله يعفينا ويعافيكم.

وبما أننا نتحدث عن إصابات الملاعب وكرة القدم أكثر، فدائماً ما نجد المسعف أو اخصائي العلاج الطبيعي الذي يقتحم أرض الملعب في الكثير من البلدان (بالذات العربية والإيطالية والإسبانية) يتسرعون في الحكم على حالة اللاعب، ويتخذون قرارات متهورة تؤدي لحدوث كوارث ليصل الأمر  لحد الموت!.

فهل تتذكرون على سبيل المثال لا الحصر سقوط الظهير الإسباني “أنطونيو بويرتا بيريز” في ملعب سانشيز بزخوان يوم 25 أغسطس 2007 أثناء المباراة الافتتاحية لفريقه “إشبيلية” في بطولة الدوري الإسباني أمام خيتافي؟ عندما قام الأطباء بمساعدته على النهوض من حالة الإغماء التي لم يَبحثوا في وقتها عن سبب حدوثها الأصلي؟ والأنكى من كل ذلك أمرهم للمدرب “خواندي راموس” بإستكمال اللاعب للمباراة!!…هذا حدث وشاهدته بأم عيني وبعد ساعات من المباراة لم يقم الأطباء بالبحث خلف أسباب هذه الحالة ليتوفى بويرتا بعد أقل من 70 ساعة، عن عمر يناهز الـ22 سنة!.

وقبلها بعام واحد فقط من هذه الحادثة تعامل الأطباء في مصر بالمثل مع اللاعب الشاب “محمد عبد الوهاب” -المدافع الأيسر للأهلي-، عندما أقروا بعدم تعرضه لأي أزمات قلبية رغم سقوطه مرة واثنين مغشياً عليه في مباراتين، وحقروا من شأن هذا الاغماء لتحدث الفاجعة ويموت عبد الوهاب في ملعب مختار التيتش أثناء التدريبات.

يوم الثالث من مارس 2012 في الدوري الإنجليزي، من المفترض أن الأطباء هناك لديهم قدر كاف من الوعي والمسؤولية في التعامل مع المصابين، فقلما نسمع عن وفاة لاعب في الملاعب البريطانية بسبب احترافية الأنظمة الطبية المُتبعة هناك سواء بالكشوفات الدورية على الأجهزة التنفسية قبل وأثناء الموسم.

وحين تصادفهم وتحدث حالة إغماء أثناء مباراة ما يكون التصرف حاسم بسحب اللاعب من الملعب قبل معالجته على أكمل وجه في الملعب حتى ولو كلف ذلك الوقت الكلي للمباراة، فحياة الإنسان فوق أي شيء مهما كان سعره وثمنه.

هكذا هي الحياة من منظور الأطباء الإنجليز، ولقطة اليوم لإحدى تلك الحالات التي توضح الكيفية التي تعامل بها هؤلاء مع الحالة الحرجة للاعب وسط آرسنال “ميكئيل آرتيتا” -ابن إقليم الباسك الإسباني- إذ سقط مغشياً عليه بعد تعرضه لضربة غير مقصودة من لاعب ليفربول “هندرسون” في المباراة الافتتاحية للجولة الـ27 من الدوري الإنجليزي الممتاز، ويبدو أن الضربة جاءت في القصبة الهوائية أو الأنف ما أدى لحدوث حالة اختناق وإغماء لآرتيتا ليتم اسعافه في 8 دقائق على أرض الملعب ومن ثم تزويده بجهاز للتنفيس الاصطناعي وحمله على ناقل طبي إلى مستشفى ليفربول مباشرةً.

نموذجية هذا المشهد وصل لذروته بلهفة وقلق جماهير ملعب أنفيلد روود (ليفربول) على اللاعب أثناء فترة اسعافه من الأطباء وتواصل جمال المشهد بعد اتمام عملية الاسعاف، ففي لحظة خروج آرتيتا محمولاً على الناقل الطبي انتفض كل صغير وكبير ليفربولي من مكانه، ووقف الجميع يُصقف ويشجع ويهتف لآرتيتا، وهندرسون يذهب للإعتذار على ما اقترفه دون عَمد…رغم علمه بأن آرتيتا لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم في هذه اللحظة!.

هل تعرفون أصدقائي أن جماهير ليفربول نست في تلك اللحظة بالذات أن آرتيتا كان لاعباً في يوم من الأيام بين صفوف عدوهم اللدود “إيفرتون”؟

هل تعرفون أن آرتيتا سجل هدفاً الموسم الماضي في مرمى ليفربول من تصويبة صاروخية. لكن هذه كرة ولعبة لا تساوي شيئاً أمام حياة الإنسان المُعظمة والمُقدسـة عند هؤلاء البشر!

أما هنا في الوطن العربي فأسمع كثيراً على المقاهي وفي المدرجات مشجع يتمنى إصابة لاعب ما من الفريق المنافس كي لا تهتز شباكه أو مقابلته كي يبرحه ضرباً..وهلم جرة..!

مقالات ذات صلة